للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للمؤمن من أن يتزوج عدوةً له وإن كان إباحة تزوج نساء أهل الكتاب لا يقتضي تزكية لحالهم، ولكن ذلك تيسير على المسلمين.

تعريف وأقسام الكفار تفصيلاً:

غير المسلمين من حيث حربهم على الإسلام ومسالمتهم للإسلام وأهله قسمان:

القسم الأول: المحاربون: وهم من ليس بينهم وبين المسلمين ذمة، ولا عهد، ولا أمان، فيشرع قتالهم بحسب القدرة، فربما يكون قتالهم فرض عين، وذلك متى غزوا بلدا مسلما ليحتلوه، أو يستبيحوا دماء أهله، وأموالهم، فيلزم كل قادر من مسلمي ذلك البلد قتالهم، فإن احتاجوا إلى غيرهم من المسلمين من أهل البلاد الأخرى وجب على سائر المسلمين عونهم بالرجال والمال والسلاح حتى تحصل الكفاية؛ لقول الله ـ جل وعلا ـ (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) الأنفال [٧٢].

وقد يكون قتالهم فرض كفاية إذا قام به من يكفي من المسلمين سقط الوجوب عن الباقين، وذلك إذا منع غير المسلمين وصول دعوة الإسلام إلى بلادهم، أو منعوا أهلها من الدخول فيه، وكان المسلمون أقوياء وجب على من يكفي منهم قتال غير المسلمين؛ لقول الله ـ جل وعلا ـ (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) البقرة [١٩٣]، وبقى حكم القتال على غيرهم من المسلمين مستحباً، لكن لا يجوز ابتداء قتالهم حتى يُدعوا إلى الإسلام، فإن رفضوا وجب دعوتهم إلى الصلح والقبول بدفع الجزية للمسلمين، فإن رفضوا جاز قتالهم.

القسم الثاني: غير المحاربين: وهم من بينهم وبين المسلمين ذمة، أو عهد، أو أمان، ولم يفعلوا ما ينقض ذلك، كقتالهم المسلمين أو الإعانة عليهم، وهذا يشمل ثلاثة أصناف:

١ - أهل الذمة: وهم رعاية الدولة الإسلامية الذين رضوا بحكم الإسلام عليهم فأعطوا الجزية والتزموا بأحكام أهل الذمة، وبعض أهل العلم لا يرون جواز إعطاء الذمة لغير أهل الكتاب والمجوس، فلا يقبل من غيرهم ممن يعيش في بلاد المسلمين إلا الإسلام، أو السيف، ومن أهل العلم من يجيز إعطاء الذمة لغيرهم أيضا، ولعل هذا هو الأرجح؛ أخذا بقول الله ـ جل وعلا ـ (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) البقرة [٢٥٦].

٢ - المعاهدون: وهم رعايا الدولة غير المسلمة، والتي بينها وبين المسلمين عهد وصلح على عدم القتال.

٣ - المستأمنون: وهم رعايا الدول غير المسلمة المحاربة للمسلمين، الذين أعطاهم إمام المسلمين، أو أحد من المسلمين الأمان على نفسه وماله إذا دخل بلاد المسلمين حتى يخرج منها، سواء أكان من أهل الكتاب أم من غيرهم.

فحكم هؤلاء واحد، وهو أنهم معصوموا الدم والمال، فلا يجوز سفك دمائهم، ولا أخذ أموالهم، لقول الله ـ جل وعلا ـ (قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) التوبة [٢٩] وقوله (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) التوبة [٦].

<<  <   >  >>