للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليها، أو لغارمٍ، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل كان له جار مسكين فتصدق على المسكين فأهداها المسكين للغني)) (١).

قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: (( ... الزكاة إنما تصرف إلى أحد رجلين: محتاج إليها: كالفقراء، والمساكين، وفي الرقاب والغارمين لقضاء ديونهم، أو من يحتاج إليه المسلمون: كالعامل، والغازي، والمؤلف، والغارم لإصلاح ذات البين)) (٢) (٣).


(١) أبو داود، برقم ١٦٣٥، ١٦٣٦، وابن ماجه، برقم ١٨٤١، وأحمد، برقم ١١٥٣٨، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ٤٥٥، وصحيح ابن ماجه، ٢/ ١١٦، وإرواء الغليل، برقم ٨٧٠، وتقدم تخريجه في مصرف العاملين عليها.
(٢) المغني، لابن قدامة، ٩/ ٣٢٩.
(٣) اختلف العلماء رحمهم الله: هل يعطى في الحج من الزكاة؟ على قولين: القول الأول: قال الإمام الخرقي رحمه الله: ((ويعطى أيضاً في الحج وهو من سبيل الله)) قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((ويروى هذا عن ابن عباس، وعن ابن عمر ((الحج من سبيل الله)) وهو قول إسحاق ... )).
القول الثاني: رواية عن أحمد، أنه لا يصرف من الزكاة في الحج، وبه قال: مالك، والليث، وأبو حنيفة، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر، قال الإمام ابن قدامة: ((وهذا أصح)) واستدلوا بقوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ}، فالمراد به عند الإطلاق الجهاد. واستدل أهل القول الأول بآثار وأحاديث منها حديث أم معقل، وفيه أنها قالت: يا رسول الله إن عليَّ حجة وإن لأبي معقلٍ بكراً، قال أبو معقل: صدقة جعلته في سبيل الله، فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطها فلتحج عليه, فإنه في سبيل الله)) [أبو داود، برقم ١٩٨٨، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ٥٥٦] وفي رواية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها: ((فهلا خرجت عليه؛ فإن الحج في سبيل الله)) [أبو داود، برقم ١٩٨٩، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ٥٥٧].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج فقالت امرأة لزوجها: احجَّني مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جملك؛ فقال: ما عندي ما أحجّك عليه، قالت: أحجني على جملك فلان، قال: ذاك حبيس في سبيل الله - عز وجل -، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .... )) الحديث وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أما إنك لو أحججتها عليه كان في سبيل الله)) [أبو داود، برقم ١٩٩٠، وقال الألباني في صحيح سنن أبي داود، ١/ ٥٥٧: ((حسن صحيح)) واحتجوا بقول ابن عباس رضي الله عنهما في صحيح البخاري معلقاً، قال: ((يعتق من زكاة ماله ويُعطى في الحج)) [البخاري مع الفتح، ٣/ ٢٣١، قال الألباني في مختصر صحيح البخاري، ١/ ٤٣٣: ((وصله أبو عبيد في الأموال بسند جيد عنه))، ومن الآثار في ذلك ما أخرجه البخاري معلقاً عن الحسن (( .... ويعطي في المجاهدين، والذي لم يحج [أي من الزكاة])) البخاري مع الفتح، ٣/ ٣٣١، وقال الحافظ ابن حجر: ((هذا صحيح عنه)) [فتح الباري، ٣/ ٣٣١] وذكر الحافظ ابن حجر: ((وقال ابن عمر: أما إن الحج من سبيل الله)) أخرجه أبو عبيد بإسناد صحيح عنه [فتح الباري، ٣/ ٣٣٢] وسمعت شيخنا ابن باز رحمه الله أثناء تقريره على صحيح البخاري، قبل الحديث رقم ١٤٦٨، يقول: على قول ابن عباس: ((أما الحج فقال بعضهم كما ههنا: إنه من الجهاد في سبيل الله. فيجوز دفع الزكاة في الحج، وهو الأظهر؛ لأن الحج جهاد في سبيل الله)).
وفي الاختيارات الفقهية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص١٥٦، قوله: ((ومن لم يحج حجة الإسلام وهو فقير أُعطي ما يحج به، وهو إحدى الروايتين عن أحمد)).
وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في مجموع فتاوى اللجنة، ١٠/ ٣٨: ((يجوز صرف الزكاة في إركاب فقراء المسلمين لحج فريضة الإسلام، ونفقتهم فيه؛ لدخوله في عموم قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} من آية مصارف الزكاة وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء)).
عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبدالله بن القعود ... عبدالرزاق عفيفي ... عبدالعزيز بن عبدالله بن باز
وانظر: المغني: لابن قدامة، ٩/ ٣٢٨، وفتح الباري، ٣/ ٣٣٢، والمقنع والشرح الكبير مع الإنصاف، ٧/ ٢٤٨، والكافي، ٢/ ٢٠١، والفروع لابن مفلح، ٤/ ٣٤٥.

<<  <   >  >>