للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

طريق الحكمة في ذلك كله.

٢ – وحجّ سليمان بن عبد الملك ومعه عمر بن عبد العزيز فأصابهم برق ورعد، حتى كادت أن تنخلع قلوبهم، فنظر سليمان إلى عمر وهو يضحك، فقال سليمان: يا أبا حفص، هل رأيت مثل هذه الليلة قط أو سمعت بها؟ فقال: يا أمير المؤمنين، هذا صوت رحمة اللَّه، فكيف لو سمعت صوت عذاب اللَّه؟ فقال: هذه المائة ألف درهم، فتصدق بها. فقال: أو خير من ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: وما هو؟ قال: قوم صحبوك في مظالم لهم لم يصلوا إليك، فجلس سليمان فرد المظالم (١).

اللَّه أكبر! ما أحكم هذا الموقف وأعظمه! فقد استطاع عمر بن عبد العزيز بعون اللَّه – تعالى – ثم بحكمته أن يؤثر على سليمان حتى جلس ورد المظالم.

٣ – ومن أعظم مواقف الحكمة مع سليمان بن عبد الملك أن سليمان قال له: يا أبا حفص، إنا قد ولينا ما ترى، ولم يكن لنا بتدبيره علم، فما رأيت من مصلحة العامة فمر به، فكان من ذلك أن عمر أمر بعزل عمال الحجاج، وأقيمت الصلاة في أوقاتها بعدما كانت أُميتت عن وقتها، مع أمور جليلة كان يسمع من عمر فيها، فقد قيل: إن سليمان حج فرأى الخلائق بالموقف فقال لعمر: أما ترى هذا الخلق الذي


(١) انظر: مناقب عمر، لابن الجوزي، ص٥٢، ٥٣، وسير أعلام النبلاء، ٥/ ١٢١.

<<  <   >  >>