للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتقدير، فقد جهر بالحق في هذا الموقف ولم تأخذه في اللَّه لومة لائم.

وهكذا ينبغي للدعاة إلى اللَّه - تعالى - ولكن لابد من الحكمة، وبالتي هي أحسن، فإن ذلك أدعى لقبول الدعوة، واللَّه المستعان.

[٣ - موقفه مع القراء:]

خرج الحسن من عند ابن هبيرة يوماً فإذا هو بالقراء على الباب (١) فقال: ما يجلسكم هاهنا؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء؟ أما واللَّه ما مجالستهم مجالسة الأبرار، تفرقوا فرَّق اللَّه بين أرواحكم وأجسادكم، قد فرطحتم (٢) نعالكم، وشمرتم ثيابكم، وجززتم شعوركم، فضحتم القراء فضحكم (٣) اللَّه، واللَّه لو زهدتم


(١) لسائل يسأل: كيف يخرج الحسن من عند ابن هبيرة ويلوم القراء على وقوفهم ببابه رغبة في الدخول عليه؟
ويجاب على ذلك: أن الحسن لم يدخل على ابن هبيرة ليسأله مالاً أو شيئاً من أمور الدنيا، إنما ذلك لله ومن أجل الله والدعوة إليه، والذي قبّحه الحسن هو الرغبة في الدنيا والطمع في أموال الأمراء والسلاطين، أما من دخل عليهم ليأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويخوّفهم بالله، فإن هذا من أعظم الجهاد وفضله.
(٢) كل شيء عرّضته فقد فرطحته. وفرطح الشيء: بسطه ووسّعه. ورأس مفرطح: عريض. انظر: المعجم الوسيط، مادة (فرطح)، ٢/ ٦٨٤.
(٣) لعل الحسن استخدم أسلوب الشدة مع القراء لأنهم أقدموا على شيء لا ينبغي لهم الإقدام عليه على الرغم من معرفتهم حقيقته وأنه لا ينبغي لطلاب العلم والدعاة إلى الله فعله.
والحكمة هي وضع الشيء في موضعه، ومن ذلك استخدام أسلوب القوة والشدة والغلظة في مواضعها.

<<  <   >  >>