للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

قال: لا. قال: هل تدري كم نجماً في السماء؟ قال: لا. قال: فكوكب منها تعرف جنسه، طلوعه، أفوله، مم خُلق؟ قال: لا. قال: فشيء تراه بعينك من الخلق لست تعرفه، تتكلم في علم خالقه؟ ثم سأله الشافعي عن مسألة من الوضوء فأخطأ فيها، ففرعها على أربعة أوجه، فلم يصب في شيء من ذلك، فقال له: شيء تحتاج إليه في اليوم خمس مرات تدع علمه، وتتكلف علم الخالق؟ إذا هجس في ضميرك ذلك فارجع إلى اللَّه، وإلى قوله – تعالى –: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} الآية (١)، فاستدل بالمخلوق على الخالق، ولا تتكلف علم ما لم يبلغه عقلك.

فتاب الرجل (٢) على يد الشافعي من علم الكلام، وأقبل على فقه الكتاب والسنة (٣)، وكان يقول بعد التوبة: ((أنا خلق من أخلاق الشافعي)) (٤).

وقد أصبح هذا الرجل (المزني) علماً من أعلام الإسلام في فقه


(١) سورة البقرة، الآيتان: ١٦٣ - ١٦٤.
(٢) وهذا الرجل الذي تاب من علم الكلام على يد الشافعي، هو المزني، الإمام العلامة علم الزهاد، أبو إبراهيم إسماعيل بن يحيى بن عمرو بن مسلم المزني المصري، تلميذ الشافعي، ولد سنة ١٧٥هـ، وله المختصر في الفقه، وقد شرحه عدة من العلماء، توفي ‘ سنة ٢٦٤هـ. انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، ١٢/ ٤٩٢.
(٣) انظر: سير أعلام النبلاء، ١٠/ ٢٥، ٢٦، ٣١، ٣٢.
(٤) انظر: المرجع السابق، ١٢/ ٤٩٢.

<<  <   >  >>