للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالقرآن: {يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ} (١) أفهذا منكر عندكم؟ فقالوا: شبَّه يا أمير المؤمنين، شبَّه. وطال المجلس، وقام المعتصم ورُدَّ أحمد إلى حبس في البيت، ثم وجه إليه من يبيت معه ويناظره، ثم أُحضر أحمد في اليوم الثاني وناظروه إلى قرب الزوال، ثم قام المعتصم ورد أحمد إلى مكانه، وفي اليوم الثالث جيء به فناظروه، وفي هذه الأيام كلها يعلو صوته صوتهم، وتغلب حجته حجتهم، فغلبهم بالحجة والبرهان (٢)، حتى قال عنه صاحب شرطة المعتصم (٣): ما رأيت أحداً لم يداخل السلطان، ولا خالط الملوك كان أثبت قلباً من أحمد يومئذ، ما نحن في عينه إلا كأمثال الذبان (٤).

وطالت المناظرة، فغضب المعتصم وقال لأحمد: لعنك اللَّه طمعت فيك أن تجيبني فلم تجبني، ثم قال: خذوه واسحبوه، خلِّعوه، فأُخِذَ وسُحِبَ وخُلِّع وجُرِّدَ، ووقف به بين الجمهور؛ لجلده وتعذيبه، فقال أحمد: ((يا أمير المؤمنين، اذكر وقوفك بين يدي اللَّه


(١) سورة مريم، الآية: ٤٢.
(٢) انظر: سير أعلام النبلاء، ١١/ ٢٤٤ - ٢٥٠، والبداية والنهاية، ١٠/ ٣٣٣.
(٣) صاحب شرطة المعتصم، هو: محمد بن إبراهيم بن مصعب، وهو أخو إسحاق بن إبراهيم بن مصعب، نائب المأمون على بغداد. انظر: البداية والنهاية، ١٠/ ٢٧٢، ١٠/ ٣٣١، وسير أعلام النبلاء، ١١/ ٢٤٠.
(٤) انظر: سير أعلام النبلاء، ١١/ ٢٤٠.

<<  <   >  >>