للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهم، وقل أن يكون الأمر الشرعي مخالفًا للأمر الوجودي» (١).

وظاهر مِمَّا سبق أن ابن خلدون يرى أن الإمامة جعلت في قريش لقوتها وغلبتها وأن حقها في الإمامة زال بزوال قوتها وغلبتها، ومعنى ذلك أن يفسر القرشية بالعصبية الغالبة.

ويرى الدكتور طة حسين أن أبا بكر حينما قال للأنصار: «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» لم يفكر في إطلاق الإمامة لقريش كلها دون تحديد، وإنما كان يفكر هو وعمر وأبو عبيدة في المهاجرين الذين سبقوا إلى الإسلام فآمنوا به قبل أن يؤمن غيرهم، وآزروا النبي بأنفسهم وأموالهم على نشر دعوته في مكة أيام الجهد والشدة والضيق، فأبو بكر حينما قال للأنصار أن الأئمة من قريش كان يقصد إلى هذه الطبقة الممتازة من قريش طبقة الذين سبقوا إلى الإسلام وجاهدوا مع النبي في مكة والمدينة (٢). ومعنى هذا الذي يقوله الدكتور طة حسين أن شرط القرشية لا محل له بعد انتهاء الطبقة الممتازة من قريش أولئك الذين سبقوا إلى الإسلام وجاهدوا مع النبي في مكة أثناء الفتنة وجاهدوا معه في المدينة أثناء القوة.

ويلاحظ أخيرًا أن الأحاديث التي سبق ذكرها معناها جميعًا واحد من حيث أنها جعلت الإمامة في قريش ولكن في بعضها زيادة مقبولة تقطع بأن الأمر لم يجعل في قريش مطلقًا من


(١) " مقدمة " ابن خلدون: ص ١٨٤، ١٨٥.
(٢) " الفتنة الكبرى ": جـ ١ ص ٣٥، ٣٦.

<<  <   >  >>