للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل قيد، وإنما هو لقريش ما أطاعوا الله واستقاموا على أمره، فإذا عصو سقط حقهم في الإمامة (١) وحديث «لاَ يَزَال [هَذَا] الأَمْر فِي قُرَيْش مَا بَقِيَ مِنْ النَّاس اِثْنَانِ» جاء مطلقًا كحديث «الأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» إلا أن كليهما مقيد بما اشترط في الأحاديث الأخرى من طاعة الله والقيام على أمره، وسقوط حق قريش في الإمامة ليس معناه أن لا يكون إمام من قريش وإنما معناه أن لا تكون الإمامة محصورة في قريش فيجوز أن يكون الإمام قرشيًا أو غير قرشي.

ويبقى بعد ذلك أن يقال إن الأحاديث كلها وردت بصيغة الخبر عدا حديث «اِسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ مَا اِسْتَقَامُوا لَكُمْ»، وحديث «قَدِّمُوا قُرَيْشًا وَلاَ تَقَدَّمُوهَا» فإنهما وَرَدَا بصيغة الأمر، والأحاديث الواردة بصيغة الخبر ليست أحكامًا، وإنما هي أخبار عن حال قريش وما يحدث لها، ومجموعها يفيد أن الإمامة ستكون فيهم ما أطاعوا الله ولو بقي من الناس اثنان، فإذا عصوا الله بعث عليهم من يقصيهم عنها، أما الحديثان الواردان بصيغة الأمر فقد جاءا ببيان ما يجب على الأمة من معاملة قريش ما دامت مستقيمة على أمر الله.

هذان رأيان يمكن أن يقالا في تفسير الأحاديث الواردة في إمامة قريش وقد بنيا على جمع الأحاديث واستخراج معناها جملة، ولعل هذا هو أصح طريق في تفسير هذه الأحاديث ما دامت هذه الأحاديث جميعًا في درجة واحدة تقريبًا وبعضها


(١) راجع " عون الباري ": جـ ٨ ص ٤٩٣، ٤٩٤.

<<  <   >  >>