في التشريع الإسلامي موجه للجماعة وليس للخليفة أو الإمام، وإنما أقامت الجماعة الخليفة ليقيم أحكام الشريعة نيابة عن الجماعة، فإذا ارتكب الإمام جريمة كان للجماعة - وهي صاحبة الحق الأول - أن تعاقبه على ما فعل تنفيذًا لما هي مخاطبة به ومسؤولة عنه.
ويستطيع القاضي المختص بنظر الجريمة أن يحكم على الخليفة أو الإمام بعقوبتها ولو كان الخليفة الذي ارتكب الجريمة هو الذي عين القاضي، لأن الخليفة عينه باعتباره نائبًا عن الجماعة فهو قاض ينوب عن الجماعة ولا ينوب عن الخليفة، ويستمد سلطانه من الجماعة لا من الخليفة الذي عينه.
النظرية الثانية: وهي النظرية التي يقول بها جمهور الفقهاء وخصوصًا مالك والشافعي وأحمد وأصحاب المذهب الظاهري فهؤلاء جميعًا لا يفرقون بين جريمة وجريمة ويرون الخليفة أو الإمام مسؤولاً عن كل جريمة يرتكبها سواء تعلقت بحق الله أو بحق للفرد، لأن النصوص عامة، والجرائم محرمة على الكافة بما فيهم رئيس الدولة فيعاقب عليها من يرتكبها ولو كان الخليفة، ولا ينظر هؤلاء الفقهاء إلى إمكان تنفيذ العقوبة كما يفعل أبو حنيفة لأن تنفيذ العقوبات ليس للخليفة وحده وإنما له باعتباره نائبًا عن الأمة ولنوابه الذين يعتبرون أيضًا نوابًا عن الأمة، فإذا ارتكب الخليفة جريمة وحكم عليه