وإذا كانت الديكتاتورية تبدأ غالبًا بالنجاح إذا استبدلت بالديموقراطية الفاشلة، فإن النجاح لا يرجع إلى النظام ذاته، وإنما يرجع كما أثبتت التجارب إلى ثقة المحكومين بأشخاص الحكام وتعضيدهم إياهم، وإلى حرص الحكام على صالح الجماعة، فإذا ما تغير الحكام الموثوق بهم أو فشلوا في القيام بمهمتهم انعدمت الثقة بين الحكام والمحكومين، وابتدأ الفساد يدب في النظام الديكتاتوري، وكان ذلك إيذانًا بتغيير نظام الحكم، وإن كان التغيير في ذاته يتوقف على عوامل مختلفة أظهرها ضعف الحاكمين، وشجاعة وقوة المحكومين.
ونستطيع أن نقول بحق إن النظام الإسلامي هو أصلح نظام يرضي أصحاب الميول الحرة، وهو في الوقت ذاته يعتبر صمام الأمن الذي يحمي الأمم من الديكتاتورية، إذ أن النظام الإسلامي يحفظ للشورى قيمتها النظرية ويحقق صلاحيتها العملية، ويجيش كل القوى لخدمة الجماعة ويدعو إلى الثقة بالشورى والقائمين على أمرها، ويسد الطريق على الاستبداد والاستعلاء والفساد.
ونستطيع أن نقول أيضًا إن النظام الديموقراطي يقوم في أصله على الشورى والتعاون، ولكنه ينتهي بعدم التجرد وبسوء التطبيق إلى تسليط المحكومين على الحاكمين وانعدام التعاون بينهما، وأن النظام الديكتاتوري يقوم في أصله على السمع والطاعة والثقة بين الحاكمين والمحكومين، ولكنه ينتهي بعدم