صلى الله عليه وعلى آله وسلم على السّمع والطّاعة، في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول بالحقّ أينما كنّا، لا نخاف في الله لومة لائم. وفي "مسند أحمد" من حديث أبي ذر، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمره أن يقول الحقّ ولو كان مرًّا.
فأهل السنة في القديم والحديث يتحرون غاية التحري فلا يقدحون إلا فيمن يستحق القدح، ولا يعدلون إلا لمن يستحق التعديل، من أجل هذا أمنهم الناس واعتد الناس بأقوالهم، فمن جرحوه فهو المجروح، ومن عدلوه فهو المعدل، لأنّهم ليس لهم أغراض، وبما أن الأمر كذلك فقد بقيت أحاديث نذكرها في فضائل أهل بيت النبوة منها:
ما روى مسلم في "صحيحه" عن علي رضي الله عنه أنه قال: والّذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة إنّه لعهد النّبيّ الأمّيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم إليّ أن لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق. ومعنى الحديث أنه لا يحب عليًا لكونه ناصر الإسلام إلا مؤمن ولا يبغض عليًا لكونه ناصر الإسلام إلا منافق. وقد جاء في فضائل الأنصار ذلك الحديث:((لا يحبّهم إلاّ مؤمن، ولا يبغضهم إلاّ منافق)).
وجاء في "صحيح البخاري" عن بريدة: قال بعث النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليًّا إلى خالد ليقبض الخمس، وكنت أبغض عليًّا قال: فأخذ عليّ جاريةً من الخمس لنفسه فقال خالد بن الوليد: دونك قال: فلمّا قدمنا على النّبيّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم جعلت أحدّثه بما كان، ثمّ قلت: إنّ عليًّا أخذ جاريةً من الخمس؟ قال: وكنت رجلاً مكبابًا (١) قال: فرفعت رأسي فإذا وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد تغيّر! فقال: ((يا
(١) وهذه اللفظة خارج الصحيح، ومعنى مكبابًا أي: لا أنظر إلى وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنظر إلى الأرض.