للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: (لم يجعل الله لأحد بعد رسوله أن يقول إلا من جهة علم مضى قبله، وجهة العلم بعد الكتاب والسنة والإجماع والآثار وما وضعت من القياس عليها .. ).

فهل يمكن بعد كل هذا أن يقال بأن الشافعي يستحسن البدع، ويمدحها ويثني عليها، ويجيز التقرب بها إلى الله؟.

الوجه الخامس:

لو افترض جدلاً أن الشافعي أراد بقوله في تعريف البدعة ما ذهب إليه المبتدع، فإنه لا يجوز أن يعارض كلام النبي صلى الله عليه وسلم بكلامه، فكلام النبي صلى الله عليه وسلم حجة على كل احد , وليس كلام أحد من الناس حجة على كلام النبي صلى الله عليه وسلم. قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: ليس أحد إلا ويؤخذ من رأيه ويترك , ما خلا النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد تبرأ الشافعي نفسه مما يكون خلاف سنة النبي صلى الله عليه وسلم من كلامه حيث قال رحمه الله فيما يرويه عنه الربيع بن سليمان: (إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا به ودعوا ما قلته).

٢ - العز بن عبد السلام:

قال في "قواعد الأحكام في مصالح الأنام" (٢/ ٢٠٤): (البدعة فعل ما لم يعهد في عصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة ... ) ثم أخذ يسوق أمثلة على كل قسم.

قال الشيخ الغامدي في "حقيقة البدعة" (١/ ٤٣٨): (وهذا التعريف والتقسيم نقله واعتمد عليه كثير من الذين جاءوا بعد العز بن عبد السلام منهم: القرافي في الفروق حيث بسط الكلام في هذه المسألة، شارحاً لرأي شيخه العز، وتبع القوافي صاحب تهذيب الفروق وفعل مثلهما النووي في: تهذيب الأسماء واللغات والزركشي في: المنثور وابن حجر الهيتمي في: الفتاوى الحديثية والسيوطي في: الحاوي، وفي الأمر بالإتباع والسخاوي في: فتح المغيث ومحمد بن جزي المالكي في: قوانين الأحكام الشرعية، وغيرهم من القدماء والمحدثين، مما يدل على اعتمادهم على التعريف والتقسيم الذي قاله العز بن عبد السلام).

<<  <   >  >>