الرجل ولا عن غيره أنه فعل مثل فعله لا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فيما بعده فإذا العمل بمثله أشد غررا إذ لم يكن قبله تشريع يشهد له ولو كان قبله تشريع لكان استمرار العمل بخلافه كافيا في مرجوحيته ... وثم أقسام أخر يستدل على الحكم فيها بما تقدم ذكره.
وبسبب ذلك ينبغي للعامل أن يتحرى العمل على وفق الأولين فلا يسامح نفسه في العمل بالقليل إلا قليلا وعند الحاجة ومس الضرورة إن اقتضى معنى التخيير ولم يُخَف نسخ العمل أو عدم صحة في الدليل أو احتمالا لا ينهض به الدليل أن يكون حجة أو ما أشبه ذلك.
أما لو عمل بالقليل دائما للزمه أمور: أحدها المخالفة للأولين في تركهم الدوام عليها وفي مخالفة السلف الأولين ما فيها، والثاني استلزام ترك ما داوموا عليه إذ الفرض أنهم داوموا على خلاف هذه الآثار فإدامة العمل على موافقة ما لم يداوموا عليه مخالفة لما داوموا عليه، والثالث أن ذلك ذريعة إلى اندراس أعلام ما داوموا عليه واشتهار ما خالفه إذ الإقتداء بالأفعال أبلغ من الإقتداء بالأقوال فإذا وقع ذلك ممن يقتدي به كان أشد، الحذر الحذر من مخالفة الأولين فلو كان ثم فضل ما لكان الأولون أحق به، والله المستعان.
والقسم الثالث أن لا يثبت عن الأولين أنهم عملوا به على حال فهو أشد مما قبله. والأدلة المتقدمة جارية هنا بالأولى، وما توهمه المتأخرون من أنه دليل على ما زعموا ليس بدليل عليه ألبتة إذ لو كان دليلا عليه لم يعزب عن فهم الصحابة والتابعين ثم يفهمه هؤلاء فعمل الأولين كيف كان مصادم لمقتضى هذا المفهوم ومعارض له ولو كان ترك العمل فما عمل به المتأخرون من هذا القسم مخالف لإجماع الأولين وكل من خالف الإجماع فهو مخطئ وأمة محمد صلى الله عليه وسلم لا تجتمع على ضلالة فما كانوا عليه من فعل أو ترك فهو السنة والأمر المعتبر وهو الهدى وليس ثم إلا صواب أو خطأ فكل من خالف السلف الأولين فهو على خطأ وهذا كاف ...
وكثير من فرق الاعتقادات تعلق بظواهر من الكتاب والسنة في تصحيح ما ذهبوا إليه مما لم يجر له ذكر ولا وقع ببال أحد من السلف الأولين وحاش لله من