للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال الشيخ مصطفى بن محمد: [فأعطى الحديث – كما ترى- أن ما سَنَّه الخلفاء الراشدون لاحق بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأن ما سنوه لا يعدو أحد أمرين: إما أن يكون مقصوداً بدليل شرعي، فذلك سنة لا بدعة، وإما بغير دليل - ومعاذ الله من ذلك -، ولكن هذا الحديث دليل على إثباته سنة، إذ قد أثبته كذلك صاحب الشريعة، فدليلهم من الشرع ثابت، فليس ببدعة، ولذلك أردف الأمر بإتباعهم بالنهى عن البدع بإطلاق ولو كان عملهم ذلك بدعة، لوقع في الحديث التدافع. وبذلك يجاب عن مسألة قتل الجماعة بالواحد، لأنه منقول عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وهو أحد الخلفاء الراشدين، (وتضمين الصُّنَّاع) وهو منقول عن الخلفاء الأربعة - رضي الله عنهم -] (١)

وقال الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق: [فهذا الحديث نص في وجوب التزام سنة الخلفاء الراشدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كنظام الولاية والخلافة، وتدوين الدواوين، وسياسة الأمة، ونظام الحرب، وشروط الصلح، وجمع المصحف، وتوحيد القراءة، ونحو هذا مما سنه الخلفاء الراشدون] (٢)

(القول الثاني: المراد بسنة الخلفاء الراشدين طريقتهم الموافقة لطريقته - صلى الله عليه وسلم -.

قال المباركفوري: [قلت: ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه وسلم، قال القاري في المرقاة: فعليكم بسنتي: أي بطريقتي الثابتة عني واجباً أو مندوباً، وسنة الخلفاء الراشدين: فإنهم لم يعملوا إلا بسنتي، فالإضافة إليهم: إما لعملهم بها أو لاستنباطهم واختيارهم إياها، انتهى كلام القاري. وقال صاحب سبل السلام: أما حديث عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين .. ومثله حديث: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، أخرجه الترمذي وقال: حسن وأخرجه أحمد وابن ماجه وابن حبان وله طريق فيها مقال إلا أنه يقوي بعضها بعضاً، فإنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه وسلم، من جهاد الأعداء وتقوية شعائر الدين ونحوها، فإن الحديث عام لكل


(١) تيسير العلام بتهذيب وشرح الاعتصام.
(٢) انظر البيان المأمول.

<<  <   >  >>