للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سامي التليل عريض المتن مرتفع ... عالي النواهق وافي الرسغ والذنب

صافي الأديم كأن البرق غرته ... رحب اللبان أشم الأنف والقصب

كاس من الليل بالظلماء ملتحف ... لكنما زانه التحجيل بالحبب

هقل إذا ما تولى مدبراً فإذا ... أتى فظبي كناس ريع من كثب

يكاد يسبق لحظ العين كيف جرى ... فما يدانيه مر الريح في الخبب

ولو يباريه زاد الركب عن عرض ... في حلبة لكبا منه على الركب

فذاك بغية مثلي من نداك وأن ... أعود من جودكم بالمنظر العجب

وقال أبو سعيد المغربي:

ولما اغتدى والليل قد سل صبحه ... بليل بجلباب الصباح تلثما

وأحسبه خال الثريا لجامه ... فصير هاديه إلى الأفق سلما

وقال جمال الدين يوسف بن الحسن:

وأدهم اللون فاق البرق وانتظره ... فغارت الريح حتى غيبت أثره

فواضع رجله حيث انتهت يده ... وواضع يده أنى رمى بصره

إذن تراه يحاكي السهم منطلقاً ... وما له غرض مستوقف خبره

يعفر الوحش في البيداء فارسه ... وينثني وادعاً إن يستتر غبره

وقال أبو سويد شهد أبو دلف وقعة وتحته فرس أدهم عليه نضخ الدم فاستوقفه بعض الشعراء وأنشد:

كم ذا تجرعه المنون ويسلم ... لو يستطيع شكا إليك الأدهم

في كل منبت شعرة من جلده ... خط ينمقه الحسام المخدم

وكأنما عقد النجوم بطرفه ... وكأنما هو بالمجرة ملجم

وكأنه بين البوارق لقوةٌ ... شفواء كاسرة طوت ما تطعم

لا تدرك الأرياح أدنى شأوه ... لا بل يفوت الريح فهو مقدم

رجعته أطراف الأسنة أشقراً ... واللون أدهم حين ضرجه الدم

فأمر له بعشرة آلاف درهم. وقال أبو إسحاق إبراهيم بن خفاجة الأندلسي:

تقبل المهر من أخي ثقة ... أرسل ريحاً به إلى المطر

مشتملاً بالظلام من شية ... لم يشتمل ليلها على سحر

منتسباً لونه وغرته ... إلى سواد الفؤاد والبصر

تحسبه من علاك مسترقاً ... بهجة مرأى وحسن مختبر

حن إلى راحة تفيض ندى ... فمال ظل به على نهر

ترى به والنشاط يلهبه ... ما شئت من فحمة ومن شرر

لو حمل الليل حسن دهمته ... أمتع طرف المحب بالسهر

أحمى من النجم يوم معركة ... ظهراً وأجرى به من القدر

اسود وابيض فعله كرماً ... فالتفت الحسن فيه عن حور

كأنه والنفوس تعشقه ... مركب من محاسن الصور

فازدد سنا بهجة بدهمته ... فالليل أذكى لغرة القمر

ومثل شكري على تقبله ... بجمع بين النسيم والزهر

وقال لما استرجعت بلنسية من يد العدو:

من عسكر رجفت أرض العدو به ... حتى كأن بها من وطئه وهلا

ما بين ريح طراد سميت فرساً ... جوراً وليث شرى يدعونه بطلا

من أدهم أخضر الجلباب تحسبه ... قد استعار رداء الليل واشتملا

وأشهب ناصع القرطاس مؤتلق ... كأنما خاض ماء الصبح فاغتسلا

ترى به ماء نصل السيف منسكباً ... يجري وجاحم نار البأس مشتعلا

فغادر الطعن أجفان الجراح به ... رمداً وصير أطراف القنا فتلا

وأشرق الدم في خد الثرى خجلا ... وأظلم النقع في جفن الوغى كحلا

وأقشع الكفر قسراً عن بلنسية ... فانجاب عنها حجاب كان منسدلا

وقال ابن هاني:

من كل يعبوب سبوح سلهب ... نقش سياط عنانه الطيار

سلط السنابك باللجين مخدم ... وأذيب منه على الأديم نضار

وكأن وفرته غدائر غادة ... لم يلق بؤس لا ولا إقتار

وأحم حلكوك وأصفر فاقع ... منها وأشهب أمهق زهار

ومنها:

مرت لغايتها فلا والله ما ... علقت بها في عدوها الأبصار

وجرت فقلت أسابح أم طائر ... هلا استثار لوقعهن غبار

من آل أعوج والصريح وداحس ... فيهن منها ميسر ونجار

الفصل الرابع في الأشهب

<<  <   >  >>