والماء منهمرٌ والشد منحدرٌ ... والقصب مضطورٌ واللون غربيب
كأنها حين فاض الماء واحتفلت ... سقعاء لاح لها في المرقب الذيب
وقال أيضاً:
وخد أسيل كالمسن وبركة ... كجؤجؤ هيق دقه قد تمورا
وقال عقبة بن سابق:
عريض الخد والجبهة ... والصهوة والجنب
وقال أيضاً:
ولها بركة كجؤجؤ هيق ... ولبان مضرج بالخضاب
وقال زهير بن مسعود الضبي:
ضافي السبيب أسيل الخد مشرفه ... جافي الضلوع شديد أسره تئق
وقال آخر:
يمتمه بأسيل الخد منتصب ... خاظي البضيع كمثل الجذع مشنوق
وقال أبو صدقة العجلي:
عارٍ من اللحم صبي اللحى ... مؤلل الأذن أسيل الخد
وقال أبودؤاد:
أسيل سلجم المقب ... للا شختٌ ولا جافي
أي: رقيق ضمر لا غليظ الخلقة ولا هزيل، ومنها أن يكون شعر معرفتها طويلاً غزيراً. قال امرؤ القيس:
لها غدر كقرون النسا ... ء ركبن في يوم ريح وصر
الغدر الشعر المتدلي من أمام القربوس إلى آذانها، شبهه بذوائب النساء في الكثرة إذا نفشتها الريح، وقال حميد بن الأرقم:
قد أغتدي والصبح محمر الطرر ... والليل يحدوه تباشير السحر
وفي تواليه بخور كالشرر ... بسحق المبعة ميال الغدر
كأنه يوم الرهان محتضر ... وقد بدا أول شخص ينتظر
دون أنابي من الخيل زمر ... صار غداً ينفض صبيان المطر
وقال حازم:
ألقت توالي خيله أعراقها ... من فوق أطلاء الهوادي والعكا
تصاحب الخرصان حين تلتقي ... منه على جماجم مثل العلا
معروفة أعراقها ما عرفت ... أعرافها ولا نواصيها سفا
معتزة نفوسها مهتزةٌ ... أعطافها إلى الصريخ إن دعا
الأطلاء: الأصول، والهوادي: الأعناق، والعكوة: - بالضم - ذنب الدابة، حيث عري من الشعر من مفرزه، تقول: عكوت ذنب الدابة: إذا عقدته، والصخب: الصياح، والخرص: ما على الجبهة من السنان، ويطلق على الرمح، والجمجمة: عظم الرأس المشتمل على الدماغ، والعلاة: الزبرة التي يضرب عليها الحدادة الحديد أو الصخرة، والأعراق: أصول الأشياء، والسفا: خفة الشعر، وهو من عيوب الخيل وما ذكر من تنزيه أعرافها ونواصيها عن السفا ومعرفة أعراقها وأعرافها يدل على عتقها ونجابة أصلها واعتزاز نفوسها واهتزاز أعطافها لإجابة الصريخ، ويدل على كرمها ومبادرة فرسانها لنصرة المضطهد وإغاثة الملهوف.
روي أن عبد الملك بن مروان قال لجلسائه: أي المناديل أفخر؟ فقال بعضهم: مناديل مصر كأنها عرقي البيض، وقال البعض: مناديل اليمن كأنها زهر الربيع، فقال: ما صنعتم شيئاً، أفخر المناديل مناديل عبدة بن الطبيب حيث يقول:
لما نزلنا ضربنا ظل أجبيةٍ ... وفار للقوم باللحم المراجيل
وردٌ أشقر ما يونيه طابخه ... ما قارب النضج منها فهو مأكول
ثم انثنينا إلى جرد مسومةٍ ... أعرافهن لأيدينا مناديل
زيدت الياء بالمراجل للضرورة، والورد: القطيع من الطير، والأشقر: من الدم: ما صار علقاً. وقال الرمادي:
قامت قوائمه لنا بطعامنا ... غضاً وقام العرف بالمنديل
وقال امرؤ القيس:
وقلت لفتيان كرامٍ ألا انزلوا ... فعالوا علينا فضل بردٍ مطيب
ففئنا إلى بيتٍ مدرجٍ ... سماوته من أتحمي معصبٍ
وأوتاده عاديّة وعماده ... ردينيةٌ فيها أسنةُ قعضب
وأطنابه أشطان خوص نجائب ... وصهوته من أتحمي مشرعب
فلما دخلناه أضفنا ظهورنا ... إلى كل حاري حديد مشطب
فظل لنا يوم لذيذ بنعمةٍ ... فقل في مقيل نحسه متغيب
كأن عيون الوحش حول خبائنا ... وأرحلنا الجزع الذي لم يثقب
نمشُّ بأعرافِ الجياد أكفنا ... إذا نحن قمنا عن شواءٍ مضهب
ومنها أن تكون طويلة العنق، روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعا بفرسين عربي وهجين للشرب، فتطاول العتيق فشرب لطول عنقه، وتبازخ الهجين، أي: ثنى حافره؛ لقصر عنقه، والبزخ: تطامن الظهر، وإشراف القطاة والحارك، قال امرؤ القيس:
ومستفلك الذفرى كأن عنانه ... ومثناته في رأس جذعٍ مشذب