للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال دريد بن الصمة:

فآبت سكيباً من أناس تحبهم ... كئيباً ولولا طلعتي لم تطلق

بخيلٍ تنادي لا هوادة بينها ... شهدت بمزلال المعاقم محنق

عظيم طويل غير جاف نما به ... سليم الشظا في مكربات المطبق

معرض أطراف العظام مشرف ... شديد مشك الجنب نعم المنطق

من الكاتمات الربو ينزع مقدماً ... سبوق إلى الغايات غير مسبق

إذا ما استحمت أرضه من سمائه ... جرى وهو مودوع وواعد مصدق

وباض الشمال طعنه في عنانه ... وباع كبوع الخاضب المتطلق

دعته جواد لا يباع جنينها ... لمنسوبة أعرافها غير محمق

بصير بأطراف الحداب ترى له ... سراة تساوى بالطراف المروق

الباب الرابع في الغرة والتحجيل والدوائر وأسماء المفاصل والطبائع والصهيل وفيه ستة فصول

[الفصل الأول في الغرة]

وهي تسعة أنواع: لطمى وشادخة وسائلة وشمراخ ومنقطعة وسارحة وحنفا وشهبا ومتمصرة، فاللطمى ما أصاب بياضها عيني الفرس أو إحداهما أو خديه أو أحدهما. قال عبيد بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: "إذا كان سيفي ذا الوشاح ومركبي اللطيم فلم يطلل دم أنا طالبه". والشادخة، ما فشت في الوجه ولم تصب العينين ودقت وسالت. والسائلة، ما عرضت في الجبهة واعتدلت على قصبة الأنف أو سالت على أرنبته حتى رثمتها. والشمراخ، ما دقت وسالت في الجبهة وعلى قصبة الأنف ولم تبلغ الجحلفة قال مالك بن عوف:

وقد أعددت للحدثان عضباً ... وذا الشمراخ ليس به اعتلال

وقال آخر:

ترى الجون والشمراخ والورد يبتغي ... ليالي عشر وسطنا فهو عائر

والمنقطعة ما بلغت محل المرسن وانقطعت أو كانت ما بين العينين والمنخر وهي أحسن الغرر. والسارحة ما ملأت الوجه ولم تبلغ العينين. والحنفاء ما كانت إحدى عينيها زرقاء والأخرى سوداء. والشهباء ما كان فيها شعر يخالف البياض. والمتمصرة ما كانت على الجبهة وعلى قصبة الأنف وبين العينين منقطعة.

والحاصل إن كل بياض فشا في وجه الفرس فوق الدرهم يسمى غرة على اختلاف أنواعها فإن كان قدر الدرهم فما دونه يسمى قرحة. فإن كانت بين العينين تسمى نجمة، وهي أحسن القرح، وإن كانت على الجحفلة السفلى، سميت لمظاً، أو على قصبة الأنف سميت عيسوباً.

ومما يجري في الخيل مجرى الفراسة في الإنسان، أن الغرة إذا استدارت وحكت حرف الهاء تدل على اليمن والبركة. والشعرات القليلة خير ونجاة. والسائلة إن غطت عيناً واحدة دلت على الشؤم وقتلها مع راكبها، وقال بعضهم مخصوص بالعين اليسرى، فإن غطت الاثنتين دليل غصبها وقهر صاحبها، فإن كانت مائلة إلى الجهة اليمنى دليل الشؤم أو إلى الجهة اليسرى دليل الغنم، فإن سالت إلى الأنف دليل النسل والبركة والنجاح، والمنقطعة دون الأنف بعكسها وإن عمت الحاجب فلا فيها.

[الفصل الثاني في التحجيل]

وهو بياض في قوائم الفرس، يبلغ نصف الوظيف، مأخوذ من الحجل وهو الخلخال، فإن كان في القوائم كلها فمحجل أربع، وإن كان في ثلاث فمحجل ثلاث، مطلق يد أو رجل يمنى أو يسرى، وإن كان في الرجلين فقط فمحجل الرجلين، وهو ممدوح، قال الشاعر:

محجل رجلين طلق اليدين ... له غرة مثل ضوء الإراث

الإراث ككتاب: النار. وإن كان في اليدين، فأعصم اليدين فإن كان في وجهه وضح يقال له محجل لا أعصم وإن كان في يده اليمنى ورجله اليسرى أو بالعكس أو كان في يد ورجل من شق واحد فمشكول، وهو مكروه شرعاً وعند العرب.

عن أبي هريرة رضي الله عنه: "كان صلى الله عليه وسلم يكره من الخيل الشكال". وقال ابن النحاس: "إن الفرس الذي قتل عليه الحسين عليه السلام كان أشكل"، فإذا كان مع ذلك أغر زالت الكراهة عنه لأن الغرة تثلثه. فإن كان في إحدى يديه بياض قل أو كثر فأعصم. فإن كان في اليمنى فأعصم اليمنى أو في اليسرى فأعصم اليسرى، ومنكوس اليسرى وهو مكروه. وإن كان البياض في إحدى رجليه فأرجل، وهو مكروه إلا إذا كان البياض في اليسرى قال الشاعر:

أسيل نبيل ليس فيه معابة ... كميت كلون الصرف أرجل أقرح

<<  <   >  >>