للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حزم (ت ٥١ هـ) حين ولاه على نجران فجاء فيه «عهد من رسول الله لعمرو بن حزم حيث بعثه إلى اليمن. أمره بتقوى الله في أمره كله ... وأمره أن يأخذ الحق كما أمره أن يبشر الناس بالخير ويأمرهم به. ويلين لهم في الحق ويشتد عليهم في ... ويعلم الناس معالم الحج وسننه وفرائضه» «١» .

وكان الوالي يقوم بهذه المهمات مجتمعة، أو تقسم بين أكثر من رجل، ويتضح ذلك من أن النبي صلّى الله عليه وسلم بعث عليّا إلى اليمن قابضا للأخماس، وخالدا متوليا للحرب، ومعاذا وأبا موسى معلمين للقران وقبض الصدقات «٢» .

ويذكر ابن عبد ربه (ت ٣٢٨ هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم استعمل أبا سفيان بن حرب على نجران فولاه الصلاة والحرب، ووجه راشد بن عبد ربه السلمي أميرا على المظالم والقضاء «٣» .

ويلاحظ أن النبي صلّى الله عليه وسلم لم يهمل أمر ولاته، فهو يسأل عن سيرتهم ويتحرى أخبارهم، ومن المعايير البسيطة في الرقابة الإدارية على سلوك الولاة ما رواه مسلم (ت ٢٦١ هـ) من قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «من استعملناه منكم على عمل، فكتمنا مخيطا فما فوقه كان غلولا يأتي به يوم القيامة» . قال: فقام إليه رجل من الأنصار أسود- كأني أنظر إليه- فقال: يا رسول الله، اقبل عني عملك، قال «مالك» . قال: سمعتك تقول كذا وكذا. قال: وأنا أقوله الان، من استعملناه منكم على عمل فليجئ بقليله وكثيره ... » «٤» وهناك عدة حوادث عملية حدثت في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلم تدل على ذلك، فقد عزل النبي صلّى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي (ت ١٤ هـ) عن إدارة البحرين؛ لأن وفد عبد القيس شكاه إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وولى بدلا منه أبان بن سعيد بن العاص (ت ١٥ هـ) وقال له: «استوص بعبد القيس وأكرم سراتهم» «٥» .

وكانت الرقابة الإدارية للنبي صلّى الله عليه وسلم مباشرة. فقد حاسب النبي صلّى الله عليه وسلم أحد عماله يسمى


(١) ابن هشام، السيرة (م ٢، ص ٥٩٤- ٥٩٦) . الطبري، تاريخ (ج ٣، ص ١٢٨، ١٢٩) (ابن إسحاق) . المقريزي، إمتاع (ص ٥٠١، ٥٠٢) .
(٢) ابن حزم، جوامع (ص ٢٠، ٢٣، ٢٤، ٣٠) .
(٣) ابن عبد ربه، العقد الفريد (ج ٦، ص ١١) .
(٤) أحمد، المسند (ج ٤، ص ١٩٢) . مسلم بشرح النووي (ج ١٢، ص ٢٢٢) . أبو داود، السنن (ج ٤، ص ١٠، ١١) .
(٥) ابن سعد، الطبقات (ج ٤، ص ٣٦٠، ٣٦١) .

<<  <   >  >>