للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل السادس إدارة شؤون القضاء

[ثالثا: المظالم]

كان حلف الفضول الذي عقدته قريش في دار ابن جدعان لرد المظالم التي تقع في مكة دليلا واضحا على وجود المظالم في الجاهلية «١» ، وكان النبي صلّى الله عليه وسلم قد حضر هذا الحلف قبل النبوة، ثم أقره بعدها فقال: «لا يزيده الإسلام إلا شدة» «٢» ، وروى أحمد (ت ٢٤١ هـ) قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام، فما أحب أن لي حمر النعم وإني أنكثه» «٣» ، وهذا يفيد أن إقرار النبي صلّى الله عليه وسلم له يجعله في حكم وكأنه كان. بعد الإسلام، يقول الماوردي (ت ٤٥٠ هـ) : «إلا أنه صار بحضور رسول الله صلّى الله عليه وسلم له، وما قاله في تأكيد أمره حكما شرعيّا وفعلا نبويّا» «٤» .

وتشعر الروايات بأن نظر أمر المظالم- في هذه الفترة- كانت داخلة في القضاء، فتذكر المصادر أن النبي صلّى الله عليه وسلم- وهو قاضي المسلمين في المدينة- قد نظر المظالم في الشرب الذي تنازعه الزبير بن العوام (ت ٣٦ هـ) ورجل من الأنصار فحضره بنفسه وقال: «اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك» ، فقال الأنصاري: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن كان ابن عمتك، فتلون وجهه ثم قال: «اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجذر- أصل الحائط- ثم أرسل الماء إلى جارك» «٥» قال الزهري (ت ١٢٤ هـ) :

«واستوفى النبي صلّى الله عليه وسلم للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري، وكان أشار


(١) ابن هشام، السيرة (م ١، ص ١٢٢) . ابن سعد، الطبقات (ج ١، ص ١٢٦- ١٢٨) . ابن حبيب، المحبر (ص ١٦٧) . المنمق (ص ٤٥- ٥٠) . اليعقوبي، تاريخ (ج ٣، ص ١٧، ١٨) . الفاسي، شفاء الغرام (ج ٢، ص ٩٩، ١٠٠) .
(٢) أحمد، المسند (ج ٢، ص ٢٠٧) . الدارمي، السنن (ج ٢، ص ٢٤٣) . أبو داود، السنن (ج ٣، ص ٣٣٨) .
(٣) أحمد، المسند (ج ١، ص ١٩٠، ١٩٣) . وانظر: ابن هشام، السيرة (م ١، ص ١٢٢) . ابن سعد، الطبقات (ج ١، ص ١٢٦- ١٢٨) . ابن حبيب، المحبر (ص ١٦٧) . المنمق (ص ٤٥- ٥٠) . ويبدو أن النبي صلّى الله عليه وسلم يقصد بحلف المطيبين حلف الفضول، وهو الذي حضره النبي صلّى الله عليه وسلم وكان كثير من المشتركين في حلف المطيبين قد اشتركوا في حلف الفضول.
(٤) الماوردي، الإحكام (ص ٢٦٨) .
(٥) الترمذي، الصحيح (ج ٦، ص ١١٨) ، النسائي، السنن (ج ٤، ص ٢٣٨، ٢٣٩) . الماوردي، الأحكام (ص ٧٧) . النويري، نهاية الأرب (ج ٦، ص ٢٦٨) . الشوكاني، نيل الأوطار (ج ٩، ص ١٧٧) .

<<  <   >  >>