للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه، وكانا قد بعثا واليين وقاضيين يعلّمان الناس القران وشرائع الإسلام، وزودهم النبي صلّى الله عليه وسلم بتوجيهاته فقال: «يسّرا ولا تعسّرا، وبشّرا ولا تنفّرا، وتطاوعا ولا تختلفا» «١» .

ويلاحظ أن النبي صلّى الله عليه وسلم لجأ إلى أسلوب الاختيار للتأكد من صلاحية المرشح للقضاء وكفاءته قبل إسناد الوظيفة إليه، يتضح ذلك من خلال أسئلة النبي صلّى الله عليه وسلم لمعاذ عندما أرسله قاضيا قال: «كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟» قال: أقضي بكتاب الله ...

فضرب رسول الله في صدره وقال: «الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله صلّى الله عليه وسلم» «٢»

ويذكر ابن إسحاق (ت ١٥١ هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة بن الجراح قاضيا إلى نجران، وذلك أن وفد نجران طلبوا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يبعث معهم رجلا من أصحابه يرضاه لهم يحكم بينهم في أمور اختلفوا بينهم فيها، فدعا النبي صلّى الله عليه وسلم أبا عبيدة، وقال له: «اخرج معهم فاقض بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه» «٣» ، وكذلك استعمل النبي صلّى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد (ت ١٣ هـ) على مكة بعد فتحها (٨ هـ) واليا وقاضيا «٤» .

وهكذا كان الأمر بالنسبة إلى الولاة الاخرين فكانوا يقومون بفض الخصومات وتنفيذ الأحكام وتعليم الناس الإسلام «٥» . وهذا يفيد أن ولاية القضاء لم تكن مستقلة، بل كانت ضمن الولاية العامة التي تشمل القضاء وغيره.


(١) البخاري، الصحيح (ج ٥، ص ٢٠٤) . وكيع، أخبار القضاة (ج ١، ص ١٠) .
(٢) أحمد، المسند (ج ٥، ص ٢٣٠) . أبو داود، السنن (ج ٤، ص ١٨، ١٩) . الترمذي، الصحيح (ج ٦، ص ٦٨، ٦٩) . البيهقي، السنن (ج ٩، ص ٨٦) .
(٣) ابن هشام، السيرة (م ١، ص ٥٨٤) . البيهقي، السنن (ج ٩، ص ٨٦) .
(٤) ابن هشام، السيرة (م ٢، ص ٤٤٠، ٥٠٠) . ابن سعد، الطبقات (ج ٢، ص ١٣٧) . الأزرقي، أخبار مكة، (ج ٢، ص ٤٠) .
(٥) ابن هشام، السيرة (م ٢، ص ٢٩٤) . الطبري، تاريخ (ج ٣، ص ١٢٨، ١٢٩) (ابن إسحاق) . المقريزي، إمتاع الأسماع (ص ٥٠١، ٥٠٢) .

<<  <   >  >>