للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الثاني إدارة الدعوة الإسلامية حتى قيام الدولة

[ثانيا: إدارة الدعوة الإسلامية في يثرب قبل الهجرة]

قام مصعب بن عمير (ت ٣ هـ) بمهمة عظيمة في يثرب، فكان عليه أن يطلع على أحوالها عن قرب، ويتعرف إلى طبيعة أهلها وحقيقة شعورهم تجاه الدعوة ورسولها وليعطي صورة صادقة لهذا البلد الذي توجهت إليه أنظار الرسول عليه السّلام؛ ليكون منطلقا للدولة الإسلامية، وليخرج الرسول صلّى الله عليه وسلم بتقدير صحيح ويتصرف على أساسه بسرعة ودقة، وحتى لا يتكرر الموقف الذي واجه الرسول صلّى الله عليه وسلم في الطائف «١» .

لقد كانت دعوة مصعب بن عمير (ت ٣ هـ) بالمقرئ «٢» . تفيد أن هناك توجها جديدا في الرئاسة لتنظيم الدعوة الإسلامية بعيدا عن القبيلة وأعرافها.

فكان هذا المقرئ يتولى دعوة الناس إلى الإسلام وتعليمهم أحكامه، أضف إلى ذلك إمامته المؤمنين في الصلاة، وبذلك غدت يثرب- بفضل هذا الرئيس المقرئ- تشهد طلائع تنظيم إداري جديد يقوم على أساس الدين بمفاهيمه الجديدة.

وكان النبي صلّى الله عليه وسلم على اتصال مباشر مع مصعب. وتشير الروايات أن مصعبا كتب كتابا إلى النبي صلّى الله عليه وسلم يستشيره في أن يجمع بهم بعد أن دخل الإسلام إلى كل بيت من بيوت الأنصار «٣» ، فرد النبي عليه السّلام على كتاب مصعب بقوله: «أما بعد، فانظر اليوم الذي تجهر فيه اليهود بالزبور لسبتهم، فاجمعوا نساءكم وأبنائكم، فإذا مال النهار عن شطره عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله بركعتين» «٤» . ويلاحظ أن ذكر اليهود هنا كان يعني أن الدعوة بدأت مرحلة جديدة من التحدي وإثبات الوجود، ولا سيما في


(١) العدوي، نظم (ص ١٠٧) .
(٢) ابن هشام، السيرة (م ١، ص ٤٣٤، ٤٣٥) (ابن إسحاق) . الطبري، تاريخ (ج ٢، ص ٣٥٧) (ابن إسحاق) . ابن الأثير، الكامل (ج ٢، ص ٩٦) .
(٣) ابن هشام، السيرة (م ١، ص ٤٣٧) .
(٤) الصنعاني، أبو بكر عبد الرزاق بن همام (ت ٢١١ هـ) المصنف، تحقيق حبيب الله الرحمن الأعظمي (ط ١) ، (١٣٩٠ هـ، ١٩٧١ م) ، (ج ٣، ص ١٦٠) (رقم الحديث ١٥٤٦) . وانظر: ابن سعد، الطبقات (ج ١، ص ٢٢٠) . حميد الله، مجموعة الوثائق (ص ٥٣) . الأحمدي، علي بن حسين بن علي، مكاتيب الرسول، بيروت، دار صعب، د. ت (ج ١، ص ٢٣٩) ، المقصود صلاة الجمعة.

<<  <   >  >>