للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين وبعد:

فإن من الأمور المسلم بها، أن النظم الإدارية تشكل جانبا مهمّا من جوانب الحضارة الإسلامية. سواء كان ذلك في مجال الحكم، أو المال، أو الجانب العسكري، أو القضائي. ومع هذا، فإنه لم يكتب حتى الان بحث شامل يكشف الخطط الإدارية التي نشأت في عهد الرسول صلّى الله عليه وسلم. وتزداد أهمية الدراسة إذا علمنا أن الممارسات والتنظيمات الإدارية في فترة الرسالة هي الأساس الذي قامت عليه التنظيمات الإدارية فيما بعد، وبلغت ذروة تطورها في عصر العباسيين.

لم تكن الإحاطة بجوانب هذا البحث مهمة سهلة وميسرة؛ وذلك لأن الفترة التي تناولتها الدراسة كانت فترة مبكرة جدّا، والدولة فيها تجربة جديدة أرست مجموعة من القواعد في شتى الميادين، وهذه الفترة هي فترة النشوء والتكوين، وأن معظم المصادر التي أخذت منها مادة البحث لم تكن معاصرة لتلك الفترة، بل كانت متأخرة عنها كثيرا، مما جعل هذه المصادر تتناولها معتمدة على الروايات، باستثناء ما ورد من إشارات في القران الكريم؛ إذ هو أهم المصادر وأوثقها، ولكون المصادر كتبت في فترة متأخرة، فإن مهمة الباحث في غاية الصعوبة؛ إذ عليه أن يكون حذرا في أخذ الروايات خشية أن يقع فريسة لتضارب الروايات وتناقضها.

ثم إن أغلب المصادر تهتم بالنواحي السياسية والعسكرية، فتذكر أخبارا عن حياة النبي صلّى الله عليه وسلم وغزواته المختلفة دون أن تشير إلى النواحي الإدارية إلا عرضا. أضف إلى ذلك تنوع المصادر التي تتناول هذه الفترة بين مؤلفات في الحديث والسير والتاريخ والتفسير والفقه والجغرافية والأدب، مما يضطر الباحث إلى تقليب صفحات كثيرة، وذلك لقلة المعلومات وتبعثرها، الأمر الذي يتطلب دراسة فاحصة للمصادر بأنواعها.

لقد اعتمدت في هذه الدراسة على ما ورد في القران الكريم من توجيهات ربانية لبناء المجتمع الجديد، ثم الحديث الصحيح معتمدا على كتب الصحاح ومبعدا الروايات القابلة للطعن، وأخذت من كتب التاريخ والسير ما يوافق هذا المنهج، ولم أستخدم المراجع الحديثة إلا للتعرف على المصادر، أو للوقوف على وجهات النظر الحديثة إزاء بعض القضايا في فترة الدراسة.

<<  <   >  >>