للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفصل الخامس الإدارة العسكرية

[رابعا: التخطيط وأساليب القتال]

لم يكن وضع الخطة من مسؤولية الأمير واحده، بل كان ذلك بعد المشاورة مع المقاتلة أو بعضهم، فقد استشار الرسول صلّى الله عليه وسلم أصحابه في بدر «١» وأحد «٢» كما استشار أصحابه في الخروج من المدينة أو البقاء فيها عند مهاجمة الأحزاب لهم في الخندق (٥ هـ) «٣» .

وقد اهتم القادة باختيار الموقع الملائم لميدان المعركة فقد أشار حباب بن المنذر على الرسول صلّى الله عليه وسلم عند نزوله على حصن النطاة بخيبر قائلا: «إن جميع مقاتلة خيبر فيه وهم يدرون أحوالنا ولا ندري أحوالهم وسهامهم تصل إلينا وسهامنا لا تصل إليهم ولا نأمن بياتهم» «٤» وقد قدر أهل ثقيف أهمية مرتفعات حنين فاحتلوها قبل وصول النبي صلّى الله عليه وسلم واحتلوا وادي حنين نفسه «٥» .

كان من خطط النبي صلّى الله عليه وسلم في غزواته محاولته قطع اتصالات الأعداء وإمداداتهم، فقد ذكر ابن إسحاق (ت ١٥١ هـ) أن النبي صلّى الله عليه وسلم في غزوة خيبر (٧ هـ) نزل بجيشه بواد يقال له: الرجيع وذلك ما بين غطفان وأهل خيبر ليحول بينهم وبين أن يمدوا خيبر إذا كانوا مظاهرين لخيبر على رسول الله صلّى الله عليه وسلم «٦» .

واهتم الرسول صلّى الله عليه وسلم بطبيعة الأرض التي يقاتل عليها حيث نزل على أدنى ماء في بدر وبنى عليه حوضا وغوّر ما سواه من القلب «٧» . كما تجنب النزول في الأرض الموحلة كما فعلت قريش «٨» ، قال ابن إسحاق (ت ١٥١ هـ) فأصاب رسول الله منها ما لبد


(١) الواقدي، المغازي (ج ١، ص ٤٨) . المقريزي، إمتاع (ج ١، ص ٧٣- ٧٥) .
(٢) الواقدي، المغازي (ج ١، ص ٢١٤) . البكري، غزوة أحد، ورقة (١٥) .
(٣) المقريزي، إمتاع (ج ١، ص ٢٢٠) .
(٤) الديار بكري، تاريخ الخميس (ج ٢، ص ٥٠) .
(٥) ابن هشام، السيرة (م ٢، ص ٤٣٨، ٤٣٩) . الطبري، تاريخ (ج ٣، ص ١٢٨) .
(٦) الطبري، تاريخ (ج ٣، ص ٩٢) (ابن إسحاق) . ابن كثير، البداية والنهاية (ج ٤، ص ١٨١) .
(٧) الواقدي، المغازي (ج ١، ص ٥٣، ٥٤) .
(٨) وقد وضحت الاية هذا المعنى فقال الله تعالى: إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ [الأنفال: ١١] .

<<  <   >  >>