للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لهم من الأرض ولم يمنعهم من المسير وأصاب قريشا ما لم يقدروا على أن يرتحلوا معه «١» وقد أشار الحباب في التحول من قرب حصن النطاة في خيبر؛ وذلك لكونه بين نخيلات في مكان غائر وأرض وخيمة «٢» .

وينتظر الإفادة من طبيعة الأرض، فقد ذكر أن الرسول صلّى الله عليه وسلم جعل ظهره وعسكره إلى جبل أحد حين خرج للقاء المشركين هناك «٣» وقد استفاد النبي صلّى الله عليه وسلم في مسيره إلى أحد من الليل إذ أمر جيشه بالمسير بعد منتصف الليل، وسلك طريقا بين الضفتين حيث يختفي الأفراد، ويخفى الصوت والجلبة في نفس الوقت فقال عليه السّلام: «من يخرج بنا على القوم عن كثيب- أي عن طريق قريب- لا يمر بنا عليهم» فمر به أبو خيثمة حتى دخل في بستان أحد المنافقين «٤» ، واستفاد النبي صلّى الله عليه وسلم من جبل سلع في الخندق (سنة ٥ هـ) فجعله خلف ظهور المسلمين «٥» .

وقد تقام بعض العوائق في وجه تقدم العدو كالخنادق كما فعل الرسول صلّى الله عليه وسلم في غزوة الخندق «٦» ، وكذلك اهتم المقاتلون بالظواهر الجوية السائدة في ميدان المعركة ففي بدر (٢ هـ) جعل الرسول صلّى الله عليه وسلم الشمس خلفه فكانت في عيون أعدائه فتضعف قوة أبصارهم وتغشي عيونهم عن رؤية خصومهم «٧» ؛ ولهذا قال الهروي (ت ٦١١ هـ) :

«فليجتهد في أن تكون الشمس في عين العدو» «٨» .

وكان من خطط الرسول صلّى الله عليه وسلم الحرص على التكتم والسرية في وضع خططه الحربية وتنفيذها؛ لأن ذلك من أهم متطلبات النجاح، فكان إذا أراد أن يغزو غزوة ورى (أظهر) بغيرها «٩» ، وذكر الواقدي (ت ٢٠٧ هـ) أن الرسول صلّى الله عليه وسلم كتب كتابا إلى


(١) ابن حزم، جوامع (ص ١١١، ص ١١٢) . ابن القيم، زاد (ج ٢، ص ٨٧) .
(٢) الديار بكري، تاريخ الخميس (ج ٢، ص ٥٠) .
(٣) ابن هشام، السيرة (م ٢، ص ٦٥) . الطبري، تاريخ (ج ٢، ص ٥٠٧ (ابن إسحاق) . المسعودي، مروج الذهب (ج ٢، ص ٣٧٦، ٣٧٧) .
(٤) الحلبي، السيرة (ج ٢، ص ٢٩١) . وانظر: محمد أبو فارس، غزوة أحد (ط ١) عمان، دار الفرقان (١٤٠٢ هـ، ١٩٨٢ م) ، (ص ٦٠) .
(٥) ابن هشام، السيرة (م ٢، ص ٢٠٠) . ابن سعد، الطبقات (ج ٢، ص ٦٦، ٦٧) .
(٦) الواقدي، المغازي (ج ٢، ص ٤٧٠) . المسعودي، التنبيه والإشراف (ص ٢١٦) .
(٧) الواقدي، المغازي (ج ١، ص ٥٦٠) . وانظر: ابن العربي المالكي محمد بن عبد الله (ت ٥٤٣ هـ) ، عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي، بيروت، دار الكتب العلمية، د. ت (ج ٧، ص ١٧٤، ١٧٥) .
(٨) الهروي، التذكرة (ص ٩٧) .
(٩) ابن سعد، الطبقات (ج ٨، ص ١٦٧) .

<<  <   >  >>