للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تجاه الأمير؛ ولذا قال شارح سنن أبي داود (ت ٢٧٥ هـ) : «إن العرافة تدبير أمور القوم والقيام بسياستهم، ولابد للناس من العرفاء ليتعرف على أحوالهم في ترتيب البعوث والأخبار والعطايا والسهام وغير ذلك» «١» ، وتتضح أهمية العريف التنظيمية هذه في غزوة حنين عندما اختلف الناس في سبي هوازن فقال لهم النبي صلّى الله عليه وسلم: «ارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم» «٢» وذكر ابن حجر (ت ٨٥٢ هـ) أن جندب بن النعمان الأزدي قدم على النبي صلّى الله عليه وسلم فأسلم وحسن إسلامه وجعله النبي صلّى الله عليه وسلم عريف قومه «٣» ، وكان رافع بن خديج الأنصاري عريف قومه بالمدينة «٤» .

وكانت رتبة «النقيب» «٥» من الرتب التي ظهرت في هذه الفترة، وكان القران قد أشار إليها في معرض حديثه عن بني إسرائيل، وفي بيعة العقبة الثانية طلب النبي صلّى الله عليه وسلم ممن اجتمع لديه أن يخرجوا اثني عشر نقيبا كي يتحملوا مسؤولية البيعة والدعوة في المدينة «٦» .

وظهرت رتبة قيادية أخرى هي رتبة «أمير التعبئة» ففي غزوة الفتح (٨ هـ) جعل الرسول صلّى الله عليه وسلم من جيشه عدة أقسام ثم وضع على كل قسم منهم أميرا كان يتلقى تعليماته من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فوضع الزبير على فرقة وأمره أن يدخل مكة من كداء، ووضع سعد بن عبادة على فرقة وأمره أن يدخل من كدي، ووضع خالد على فرقة وأمره أن يدخل من أسفل مكة، وكذلك أبو عبيدة دخل من أعلى مكة «٧» ، ويلاحظ أن النبي صلّى الله عليه وسلم ولى هؤلاء على جيشه وزودهم بالتعليمات الأولية، إلا أنه ترك لهم حرية الحركة في إدارة المعركة ومواجهة المواقف واتخاذ القرارات الملائمة لواقع الحال دون


(١) م. ن (ج ٣، ص ٩٢، ٩٣) .
(٢) ابن هشام، السيرة (م ٢، ص ٤٨٩) . ابن سعد، الطبقات (ج ٢، ص ١٥٦) . ابن حجر، فتح الباري (ج ٢٧، ص ١٩٦، ١٩٧) . الخزاعي، تخريج الدلالات (ص ٢٤٩) .
(٣) ابن حجر، الإصابة (ج ١، ص ٢٥١) .
(٤) م. ن (ج ١، ص ٤٩٦) .
(٥) قال تعالى: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً [المائدة: ١٢] . انظر: أبا عبيدة معمر بن مثنى التيمي (ت ٢١٠ هـ) ، مجاز القران، تحقيق محمد فؤاد سزكين (ط ١) مصر، (١٣٧٤ هـ، ١٩٥٤ م) (ج ١، ص ١٥٦) . ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم (ت ٢٧٦ هـ) ، تفسير غريب القران، تحقيق أحمد صقر، بيروت، دار الكتب العلمية، (١٣٩٨ هـ، ١٩٧٨ م) ، (ص ١٤١) .
(٦) ابن هشام، السيرة (م ١، ص ٤٤٣) (كعب بن مالك) . ابن كثير، السيرة (ج ٢، ص ١٩٨) . ابن كثير، البداية والنهاية (ج ٣، ص ١٦١) .
(٧) الصنعاني، المصنف (ج ٥، ص ٢٨٩) . ابن هشام، السيرة (م ٢، ص ٤٠٦) . الطبري، تاريخ (ج ٣، ص ١١٧، ١١٨) (ابن إسحاق) . وانظر: عواد، الجيش والقتال (ص ١٩٢) .

<<  <   >  >>