للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رواه ابن ماجه (ت ٢٧٥ هـ) من قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «إن الله مع القاضي ما لم يجور، فإذا جار وكله إلى نفسه» «١» ، وعند الحاكم (ت ٤٠٥ هـ) : «فإذا جار تبرأ الله منه» «٢» ، وترد في ذلك رواية عند أبي داود (ت ٢٧٥ هـ) من قوله عليه السّلام: «لعنة الله على الراشي والمرتشي» «٣» وزاد الترمذي (ت ٢٧٩ هـ) في صحيحه «في الحكم» «٤» ؛ وذلك لأن الرشوة تؤدي إلى الجور وتصرف الحاكم عن العدل.

لقد اقتضى النظام القضائي في الإسلام أن يكون هناك «وسائل إثبات» لكل دعوى، فهي تحتاج ابتداء إلى بينة؛ ولذا قال النبي صلّى الله عليه وسلم: «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه» «٥» ويذكر الدارقطني (ت ٣٨٥ هـ) قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «البيّنة على المدعي واليمين على من أنكر» «٦» .

وتعدّ «الشهادة» في مقدمة وسائل الإثبات، ولذا سميت الشهادة بينة ونصابها في القضاء الإسلامي رجلان أو رجل وامرأتان، ويرد ذلك في قوله تعالى: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى ...

[البقرة: ٢٨٢] «٧» ، وهذا في جميع حالات القضاء باستثناء حالة الزنا الذي يحتاج إلى أربعة شهود لقوله تعالى:

... وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ [النساء: ١٥] «٨» وقوله: ... وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ [النور: ٤] وبيّن النبي صلّى الله عليه وسلم حال الشهود المعتبرين فقال: «لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة،


(١) ابن ماجه، السنن (ج ٣، ص ٧٧٥) . وانظر: الترمذي، الصحيح (ج ٦، ص ٧٤) . الشوكاني، نيل الأوطار (ج ٩، ص ١٦٢) .
(٢) الحاكم، المستدرك (ج ٤، ص ٩٣) .
(٣) أبو داود، السنن (ج ٤، ص ٩، ١٠) . وانظر: وكيع، أخبار القضاة (ج ١، ص ٤٥، ٤٦) .
(٤) الترمذي، الصحيح (ج ٦، ص ٧٦) .
(٥) البخاري، الصحيح (ج ٦، ص ٤٣) . مسلم بشرح النووي (ج ١٢، ص ١٢) . ابن ماجه، السنن (ج ٢، ص ٧٧٨) . وانظر: ابن القيم الجوزية، أبا عبد الله محمد بن أبي بكر (ت ٧٥١ هـ) ، الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، تحقيق محمد جميل أحمد، القاهرة، مطبعة المدني، (١٣٨١ هـ، ١٩٦١ م) ، (ص ١٠٣) .
(٦) الدارقطني، السنن (ج ٤، ص ٢١٨) .
(٧) انظر: الطبري، تفسير (ج ٦، ص ٦٢- ٦٨) . القرطبي، الجامع (ج ٣، ص ٣٨٩- ٣٩٨) . السيوطي، الدر المنثور (ج ٢، ص ١١٩- ١٢١) .
(٨) انظر: الطبري، تفسير (ج ٨، ص ٧٣- ٧٥) . القرطبي، الجامع (ج ٥، ص ٨٢- ٨٥) . السيوطي، الدر المنثور (ج ٢، ص ٤٥٤- ٤٥٧) .

<<  <   >  >>