للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

محمد وأصحابه فلن تبحث عنه في بيوت الشباب الصغار، بل تتجه إلى بيوت كبار الصحابة أو في بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم نفسه «١» ، أضف إلى ذلك أن دار الأرقم كانت في مكانها تعدّ امنة إلى حد بعيد، فقد ذكر ابن سعد (٢٣٠ هـ) أن دار الأرقم كانت قريبة من الصفا؛ أي أنها مقابل دار الندوة «٢» . وهذا يبعد الشك عنها؛ إذ لا يمكنهم أن يفكروا بأن محمدا يجلس بأصحابه في دار قريبة منهم؛ ولهذا فلم نسمع أبدا أن قريشا داهمت هذا المكان وكشفت مكان اللقاء، إنما كان أقصى ما وصلت إليه هو شكها أن يكون اللقاء عند الصفا، فقد قال الرجل لعمر بن الخطاب (ت ٢٣ هـ) عندما أراد أن يسلم: «اذهب إلى محمد في دار عند الصفا» » .

كان من اثار الدعوة السرية أنها تمكنت من السير إلى القلوب والعقول لأعداد مميزة من فتيان قريش «٤» وذوي بيوتاتها «٥» والوافدين عليها من غير أهلها «٦» .

ويلاحظ أنه في هذه المرحلة لم يقع أي صدام بين هؤلاء المؤمنين وبين أهل مكة، بل إن المؤمنين كانوا لا يتدخلون في أي شأن من شؤون غيرهم في نقد أو مواجهة؛ إذ لابد من المحافظة على السرية التامة للدعوة وأتباعها «٧» .


- (ت ٧٤٨) ، السيرة النبوية، تحقيق حسام الدين القدسي، بيروت، دار الهلال (١٩٢٧ م) ، (ص ٩٣، ٩٤) . ابن سيد الناس، فتح الدين بن محمد بن محمد (ت ٧٣٤ هـ) ، عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير (ط ١) بيروت، دار الافاق (١٩٧٧ م) ، (ج ١، ص ١٤٠) .
(١) توفي الأرقم سنة (٥٣ هـ) وقيل (٥٥ هـ) ، وهو ابن ثلاث وثمانين سنة، وأسلم الأرقم في أوائل البعثة، فيكون عمره يوم إسلامه سبع عشرة سنة. انظر: ابن حجر، أسد الغابة (ج ١، ص ٦٠) . الهندي، كنز العمال، (ج ١٥، ص ٢٤٠) . الشنتناوي، دائرة المعارف (ج ١، ص ٦٣) ، قال: «أسلم وهو حدث» . الزركلي، الأعلام (ج ١، ص ٢٨٨) .
(٢) منير محمد الغضبان، المنهج الحركي للسيرة النبوية (ط ١) الزرقاء، مكتبة المنار (١٤٠٤ هـ، ١٩٨٤ م) ، (ص ٤٩) .
(٣) ابن سعد، الطبقات (ج ٣، ص ٢٤٣) .
(٤) ابن هشام، السيرة (م ١، ص ١٤٥) . وانظر: ابن سعد، الطبقات (ج ١، ص ٢٠٣) . ابن سيد الناس، عيون الأثر (ج ١، ص ١٥٣) . الهندي، كنز العمال (ج ١٥، ص ٢٤١) .
(٥) أمثال: علي بن أبى طالب، ومصعب بن عمير، الأرقم بن أبي الأرقم، انظر: ابن هشام، السيرة (م ١، ص ٢٥٣) . ابن حجر، أسد الغابة (ج ١، ص ٦٠) .
(٦) أمثال: أبي بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وحمزة بن عبد المطلب، وعمر بن الخطاب، انظر: ابن هشام، السيرة (م ١، ص ٢٤٩، ٢٥٠، ٢٩١، ٣٤٢) ، والبخاري، الصحيح (ج ٥، ص ٦٠) . الساعاتي، الفتح الرباني (ج ٢٠، ص ٢٣٢) .
(٧) أمثال: أبو ذر الغفاري، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي. انظر: ابن هشام، السيرة (م ١، ص ٢٦١، ٣١٧) . البخاري، الصحيح (ج ٤، ص ٢٢١، ٢٢٢) ، (ج ٥، ص ٥٩) . البلاذري، أنساب (ج ١، ص ١٥٧) (هشام ابن الكلبي) . ابن الأثير (ج ٢، ص ٥٩، ٦٠) .

<<  <   >  >>