للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لو كانت المواد التى يتكون منها هذا العالم الضخم تتراكم بعضها فوق بعض دون تبصر أو حكمة لدلت كثرتها وحدها على غنى واسع وثراء عريض!! فإن الأبعاد الآلية لهذا الكون مذهلة!!

لكن الأمر أبعد ما يكون عن الجزاف والفوضى.

والبناء العقلى المتغلغل فى الكون من الذرة إلى المجرة يجعلنا نكون عن هذا العالم الدقيق صورة أخرى.

ولن نأتى بهذه الصورة من عند أنفسنا بل من أقوال الفلكى الإنجليزى " سير جيمس جينز " الذى ينطق بهذه العبارة المثيرة: " لقد بدأ الكون يلوح أكثر شبهاً بفكر عظيم منه بآلة عظيمة ".

إن الروعة لا تكمن فى ضخامة الآلة التى نراها بل فى الطريقة التى تدور بها وتؤدى وظيفتها، فى حبكة الموازنة والضبط والتقدير.

ومن ثم يتجه الإعجاب إلى العقل الواضع الحاسب قبل أن يتجه إلى أثره المحدود.

ولننظر إلى عقلنا الإنسانى بين ما ننظر إليه من صنوف المخلوقات ماذا نرى؟ إنه كائن ذكى قدير يبدو ويخفى فى أدمغة الألوف المؤلفة من سكان الأرض والأحياء والراحلين، الذين وجدوا والذين سيوجدون، من أين تولد هذا العقل؟ من الماء والطين كأعشاب الحدائق.. هذا فرض مضحك ولا ريب، إنه نفحة من الخالق الأعلى وحده.

يقول سير جيمس جينز: يجب أن نذكر المقدمات التى يفترضها بعض النقاد من غير علم، فالكون لا يبيح لنا أن نصوره تصويراً مادياً، وسبب ذلك فى رأيى أنه قد أصبح من المدركات الفكرية العميقة أنا واجدون فى الكون دلائل قوة مدبرة أو مسيطرة يوجد بينها وبين عقولنا الفردية شىء مشترك، خير ما نصفها به أنها رياضية (!) لأننا لا نجد الآن أصلح من هذا التعبير ".

والعلامة الإنجليزى معذور فى وصف الإبداع الإلهى بهذا الأسلوب، لقد راعه وهو فلكى راسخ أن يجد فى نظام الشروق والغروب والدوران والانطلاق دقة تسجد علوم الرياضة فى محرابها، فقال: " إن التفكير المشرف عليها ليس هو العاطفة

<<  <   >  >>