الاستغناء بعملها وإنتاجها، والاستهداء بإيمانها وفضائلها، والاستعلاء على متاع الدنيا بحيث تأخذ منه بقدر وتنصرف عنه متى شاءت!!
ويؤسفنى التصريح بأن الشعوب الإسلامية حتى يومنا هذا لم تبدأ نهضة صحيحة، وأن مظاهر التقدم التى نراها أو نسمع عنها هى امتداد نشاط القوى الكبرى فى العالم أكثر مما هى تطلع المتأخرين للتقدم.
فالغرب الصليبى يصطنع شعوباً شتى لخدمة مآربه ويمدها بكثير من عونه المادى، وقليل من تقدمه الحضارى.
والشرق الشيوعى ينافسه فى هذا الميدان، ويحاول الاستفادة من أخطائه أو يحاول ميراثه إذا انتهى فى مكان ما وجمهرة المتعلمين أوزاع، بعضهم يؤثر النمط الغربى فى الفكر والسلوك، وآخرون قد أعجبتهم الماركسية فاصطبغوا ظاهراً وباطناً بنزعتها.
أما الذين يتشبثون بالعقائد والفضائل الإسلامية ويريدون بناء المجتمع الكبير على دعائم الوحى المحمدى فقلة غامضة فى الناس، ولا أقول منكورة الوجه منكودة الحظ.
من أجل ذلك قلت: إن الشعوب الإسلامية لم تبدأ بعد نهضة صحيحة، تكون امتداداً لتاريخها وإبرازاً لشخصيتها، أو نماء لأصلها، وتثبيتاً لملامحها.
ومن الغلط تصور أنى أحرم الاستفادة من تجارب الآخرين ومعارفهم!
كيف وهؤلاء الآخرون ما تقدموا إلا بما نقلوه عن أسلافنا من فكر وخلق ووعى وتجربة. إن دولة الخلافة الراشدة اقتبست فى بناء النظام الإسلامى من مواريث الروم والفرس دون غضاضة.
وعندما آكل أطعمة أجنبية أنا بحاجة إليها، فالجسم الذى نمى هو جسمى، والقوى التى انسابت فى أصالة هى قواى.
المهم أن أبقى أنا بمشخصاتى ومقوماتى.. المهم أن أبقى وتبقى فى كيانى جميع المبادئ التى أمثلها والتى ترتبط بى وأرتبط بها لأنها رسالتى فى الحياة ووظيفتى فى الأرض.