للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن مليح كلام ابن تيمية رحمه الله تعالى قوله في مجلس للتفقه (١) :

"أما بعد، فقد كنا في مجلس التفقه في الدين والنظر في مدارك الأحكام المشروعة، تصويراً، وتقريراً وتأصيلا، وتفصيلاً، فوقع الكلام في .... فأقول لا حول ولا قوة إلا بالله، هذا مبنى على أصل وفصلين ... "

واعلم أرشدك الله أن بين يدي التفقه: (التفكر) (٢) ، فإن الله سبحانه وتعالى دعا عباده في غير آية من كتابه إلى التحرك بإحالة النظر العميق في (التفكر) في ملكوت السماوات والأرض وإلى أن يمعن المرء النظر في نفسه، وما حوله، فتحاً للقوى العقلية على مصراعيها، وحتى يصل إلى تقوية الإيمان وتعميق الأحكام، والانتصار العلمي: "كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون"، "قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون".

وعليه فإن "التفقه" أبعد مدى من (التفكر) إذ هو حصيلته وإنتاجه، وإلا "فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً".

لكن هذا التفقه محجوز بالرهان محجور عن التشهي والهوى:

"ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير".

فيا أيها الطالب! تحل بالنظر والتفكر، والفقه والتفقه، لعلك أن تتجاوز من مرحلة الفقيه إلى فقيه النفس كما يقول الفقهاء، وهو الذي يعلق الأحكام بمداركها الشرعية، أو فقيه البدن كما في اصطلاح المحدثين (٣) .


(١) - مجموع الفتاوى" (٢١/٥٣٤) .
(٢) -"مفتاح دار السعادة" (ص١٩٦-٣٢٤) و"مدارج السالكين" (١/١٤٦) ، والتفسير الإسلامي للتاريخ "لعماد الدين خليل (ص٢١٠-٢١٥) .
(٣) - وانظر عن قولهم: "فقيه البدن"، "معالم الإيمان" (٢/٣٣٦، ٣٤٠) والثقات "لابن حبان (٩/٢٤٢) .

<<  <   >  >>