طائل، وصعبت عليه أيما صعوبة، وكان حكمه في ذلك حكم من أراد الصعود إلى قمة جبل سامق في غير ما سبيل، أو كجازع مفازة لا يهتدى لها بلا دليل.
وهذا القبيل من العلم -أعني التصريف- يحتاج إليه جميع أهل العربية أتم حاجة، وهم إليه أشد فاقة؛ لأنه ميزان العربية، وبه تعرف أصول كلام العرب من الزوائد الداخلة عليها، ولا يوصل إلى معرفة الاشتقاق إلا به، وقد يؤخذ جزء من اللغة كبير بالقياس، ولا يوصل إلى ذلك إلا من طريق التصريف ... إلخ.
ولما كان هذا الكتاب الذي قد شرعت في تفسيره وبسطه من أنفس كتب التصريف، وأسدها وأرصنها، عريقا في الإيجاز والاختصار، عاريا من الحشو والإكثار، متخلصا من كزازة ألفاظ المتقدمين، مرتفعا عن تخليط كثير من المتأخرين، قليل الألفاظ، كثير المعاني، عُنيت بتفسير مشكله، وكشف غامضه، والزيادة في شرحه، محتسبا ذلك في جنب ثواب الله، ومزكيا به ما وهبه لي من العلم.
وحقيق على من نظر في كتاب قد عني به واضعه، وانصرف إلى الاهتمام به مصنفه، فحظي منه بأقصى ما طلب، ووصل إلى غايته من كثب، أن يحمد الله على ما وهبه له من فهمه، وأن يسلم لصاحبه ما وفره الله عليه من حفظه، وأن يعتزي فيما يحكيه عنه إليه؛ فإن فعل ذلك فعلى محجة أهل العلم والأدب وقف، وإن أبى إلا كفران النعمة فعن