كان سيبويه تلميذ الخليل الخاص، استوعب علمه، وورث ملكته في القياس والابتكار، ولزم طريقته في التوثق مما يسمع عن العرب، وأودع هذا كله "الكتاب" الذي لولاه لضاع علم الخليل في النحو والصرف.
ولم يقتصر سيبويه على علم الخليل بل جمع إليه علم كثير من الفحول المشهورين في عصره، فتتلمذ على أبي عمرو بن العلاء وعلى يونس بن حبيب وعلى أبي الخطاب الأخفش، وأبي زيد الأنصاري, وغيرهم، وإذا لم يسم من ينقل عنه اكتفى بوصفه مثل "حدثني من أثق بعربيته" أو "أنشدناه أعرابي من أفصح الناس"، أما شواهده فكلها معزوة إلى من يحتج به من العرب وأحصوا في "الكتاب" ألفا وخمسين شاهدا معروفا إلا خمسين منها، ومع ذلك جرى العلماء على الثقة بها مع عدم عزوها لاقتناعهم بأن سيبويه يتحرى في الأخذ والنقل، فجعلوا نقله لهذه الشواهد بمنزلة عزوها إلى من يحتج بلغته؛ لأن التحري والوثوق من عربية من ينقل عنه سمة البصريين عامة, ومدرسة الخليل على التخصيص.