للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال الآخر:

ويلمه مسعر حرب إذا ... ألقي فيها وعليه الشليل١

والذي يدل على أن "إنسان" مأخوذ من "النسيان" أنهم قالوا في تصغيره "أنيسيان" فردوا الياء في حال التصغير؛ لأن الاسم لا يكثر استعماله مصغرا كثرة استعماله مكبرا، والتصغير يرد الأشياء إلى أصولها، فدل على ما قلناه.

وأما البصريون:

فاحتجوا بأن قالوا: إنما قلنا: إن وزنه "فِعْلان" لأن "إنسان" مأخوذ من "الإنس" وسمي "الإنس" إنسا لظهورهم، كما سمي "الجن" جنا لاجتنانهم أي: استتارهم، ويقال: "آنست الشيء" إذا أبصرته، قال الله تعالى: {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} ٢ أي: أبصر، وكما أن الهمزة في "الإنس" أصلية, ولا ألف ونون فيه موجودتان, فكذلك الهمزة أصلية في "إنسان" ويجوز أن يكون سمي "الإنس" إنسا؛ لأن هذا الجنس يستأنس به ويوجد فيه من الأنس وعدم الاستيحاش ما لا يوجد في غيره من سائر الحيوان، وعلى كلا الوجهين فالألف والنون فيه زائدتان؛ فلهذا قلنا: إن وزنه "فعلان".


١ مسعر حرب: موقد حرب، أي: بطل حرب, يسعرها كلما ركدت.
والشليل: الدرع الصغيرة، غلالة تلبس تحت الدرع.
٢ سورة القصص: الآية ٢٨.

<<  <   >  >>