للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أنها نزلت بعد قولهم: {مَا وَلَّاهُمْ} غير موافق عليه. قال الزمخشري: "فإن قلت: أي فائدة في الإخبار بقولهم قبل وقوعه؟ قلت: فائدته أن المفاجأة للمكروه أشد، والعلم به قبل وقوعه أبعد عن الاضطراب إذا وقع" انتهى.

ثم لو سلم، فالاستمرار إنما استفيد من المضارع كما تقول: "فلان يقري الضيف ويصنع الجميل" تريد أن ذلك دأبه. والسين مفيدة للاستقبال, إذ الاستمرار إنما يكون في المستقبل.

وزعم الزمخشري أنها إذا دخلت على فعل محبوب أو مكروه أنه واقع لا محالة، ولم أر من فهم وجه ذلك، ووجهه أنها تفيد الوعد بحصول الفعل، فدخولها على ما يفيد الوعد أو الوعيد مقتضٍ لتوكيده وتثبيت معناه، وقد أومأ إلى ذلك في سورة البقرة فقال في {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} ١: "ومعنى السين أن ذلك كائن لا محالة, وإن تأخر إلى حين". وصرح به في سورة براءة فقال في {أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ} ٢: السين مفيدة وجود الرحمة لا محالة؛ فهي تؤكد الوعد كما تؤكد الوعيد إذا قلت: سأنتقم منك.


١ سورة البقرة: ٢/ ١٣٧.
٢ سورة التوبة: ٩/ ٧١.

<<  <   >  >>