ابن الوليد، أخذ العلم عن أبي عمرو بن العلاء وعبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي، وعد في القراء البصريين وهو إمام في العربية والنحو، ولعله أول من ألف فيهما كتابا جامعا، وقد اشتهر اسم كتابيه دون أن يصل إلينا منهما خبر أو أثر، والغريب أن تلميذه الخليل بن أحمد قرأهما ووعاهما، وأعجباه حتى جعل مؤلفهما مجدد هذا الفن, والمعفي على آثار من سبقه قال:
ذهب النحو جميعا كله ... غير ما أحدث عيسى بن عمر
ذاك إكمال وهذا جامع ... فهما للناس شمس وقمر
ثم "فقد الناس هذين الكتابين منذ المدة الطويلة ولم يقعا إلى أحد علمناه، ولا خبر أحد أنه رآهما"، وهذا السيرافي وليس بينه وبين زمن المؤلف إلا مائتان من السنين يقول:"لم يقعا إلينا ولا رأينا أحدا ذكر أنه رآهما"١ فإن تكن نسبة البيتين إلى الخليل صحيحة, يكن اختفاء هذين الكتابين من أعجب الأمور في تاريخ النحو.
إذا نحن انتقلنا إلى الطبقة التي تلي هذه كنا إزاء ما سموه
١ انظر الفهرست لابن النديم ص٦٢ وبغية الوعاة. أما ابن الأنباري في نزهة الألباء فقد نقل عن المبرد أنه قال: قرأت أوراقا من أحد كتابي عيسى بن عمر، وكان كالإشارة إلى الأصول" وبين هذه الكلمة الدالة على أنه خطوة ابتدائية, وتقريظ الخليل بون كما ترى. هذا ويذكرون أنه كان فصيحا ويتقعر أحيانا، أمر والي العراق بحمله إليه ودعا بالحداد فأمر بتقييده، فقيل له: "لا بأس عليك، إنما أرادك الأمير لتؤدب ولده" قال: "فما بال القيد إذاً؟ " فذهبت بالبصرة مثلا. وله الجملة المأثورة في كتب البلاغة حين سقط عن حماره فاجتمع عليه الناس فقال: "ما لكم تكأكأتم علي كتكأكئكم على ذي جنة، افرنقعوا عني" انظر بغية الوعاة, وأخبار النحويين البصريين ص٣٢.