"كنا في بلد مع المهدي في شهر رمضان قبل أن يستخلف بأربعة أشهر, فتذاكروا عنده النحو والعربية، وكنت متصلا بخاله يزيد بن منصور والكسائي مع ولد الحسن الحاجب، فبعث إلي وإلى الكسائي، فصرت إلى الدار فإذا الكسائي بالباب قد سبقني فقال لي: "أعوذ بالله من شرك يا أبا محمد" فقلت: "والله لا تؤتى من قبلي, أو أوتى من قبلك".
فلما دخلنا على المهدي أقبل علي فقال: كيف نسبوا إلى البحرين فقالوا: "بحراني" وإلى الحصنين فقالوا: "حصني"؟ هلا قالوا: حصناني كما قالوا بحراني؟ فقلت: "أيها الأمير، لو قالوا في النسب إلى البحرين "بحري" لالتبس فلم يدر: آلنسبة إلى "البحرين" وقعت أم إلى البحر؟ فزادوا ألفا للفرق بينهما كما قالوا في النسب إلى الروح: روحاني؛ ولم يكن لـ "حصنين" شيء يلتبس به فقالوا: "حصني" على القياس".
فسمعت الكسائي يقول لعمرو بن بزيغ: "لو سألني الأمير عنهما لأجبته بأحسن من هذه العلة". فقلت: "أصلح الله الأمير، إن هذا يزعم أنك لو سألته أجاب بأحسن من جوابي" قال: "فقد سألته" قال: "كرهوا أن يقولوا "حصناني" فيجمعوا بين نونين، ولم يكن في البحرين إلا نون واحدة فقالوا "بحراني" لذلك".