للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"إنك كبرت، ولسنا نقطع راتبك" فدافعهم خوفا أن يأتيهم برجل يغلب على موضعه، إلى أن ضيق الأمر عليه وشدد، وقيل له: "إن لم تأت برجل من أصحابك اخترنا لهم من يصلح"، وكان بلغه أن سيبويه يريد الشخوص إلى بغداد والأخفش، فقلق لذلك، وعزم على أن يدخل عليهم من لا يخشى غائلته، فقال لعلي الأحمر: "هل فيك خير؟ " قال: "نعم" قال: "قد عزمت على أن أستخلفك على أولاد الرشيد" فقال الأحمر: "لعلي لا أفي بما يحتاجون إليه! " فقال الكسائي: "إنما يحتاجون كل يوم إلى مسألتين في النحو، وثنتين من معاني الشعر وأحرف من اللغة، وأنا ألقنك "ذلك" كل يوم قبل أن تأتيهم فتحفظه وتعلمهم" وكذلك كان١.

هذا, ومن الخير ألا نغفل هنا خبرا يرد الأمور إلى نصابها فيما عرف عن بعض الكوفيين من أعمال علمية، فقد قال سعيد بن مسعدة الأخفش: "سألني الكسائي أن أؤلف له كتابا في "معاني القرآن" فألفت كتابي في المعاني، فجعله إماما لنفسه، وعمل عليه كتابا في المعاني، وعمل الفراء كتابه في المعاني عليهما! "٢ وقد مر بك الخبر آنفا. وتحفظ كتب الأخبار حادثا صريحا في استغلال نفوذ الحكم لنصرة الكوفة على البصرة يرويه أبو حاتم، قال:


١ بغية الوعاة ص٣٣٤ عن إرشاد الأريب. وقد اعترض أصحاب الرشيد وقالوا: "إنما اخترت رجلا من أهل النوبة "الجند" وليس متقدما في العلم"، فدافعهم وشهد له.
ولم يزل الأحمر يتعلم من الكسائي ويعلم أبناء الرشيد حتى صار مع طول الأيام نحويا, وقد أتحفنا هذا الخبر بنموذج من برامج التعليم الخاص يومئذ.
٢ طبقات النحويين واللغويين ص٧١.

<<  <   >  >>