للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي أثناء حكم صدقي "١٩٣٠-١٩٣٤" دخلت مصر في ظلال عهد استبدادي أُلغي فيه الدستور والحياة النيابية، فثارت ثائرة كُتاب الأحزاب وعلى رأسهم العقاد، فكتب كتابه "الحكم المطلق في القرن العشرين" وهو أغنية بارعة في الديمقراطية وصلاحيتها للأم الشرقية. وتناول في بعض مقالاته الملك الطاغية فؤادًا، وقُدِّم بسببها إلى المحاكمة، وحُكم عليه بالسجن تسعة أشهر. وقد وصف حياته في السجن بكتابه "عالم السجون والقيود". وبعد خروجه من السجن نشر ديوانه "وحي الأربعين"، كما نشر بحثًا له في "شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي"، ونشر أيضًا بحثًا في ابن الرومي كما نشر قصته "سارة" وديوانه "هدية الكروان"، غير مقالاته المختلفة في المقتطف والهلال.

وتوالت الأحداث فانشق النقراشي وأحمد ماهر على حزب الوفد، فانضم إليهما، وظل يكتب في جريدة الأساس حتى امتنعت عن الظهور. وعُين عضوًا في مجلس الشيوخ وفي مجمع اللغة العربية. ووالى نشاطه فأخرج دواوينه: "عابر سبيل" و"أعاصير مغرب" و"بعد الأعاصير".

واتجه إلى كتابة التراجم والسير، فكتب في "محمد" و"المسيح" عليهما السلام، وفي أبي بكر الصديق وعمر وعلي، كما كتب في مجالات كثيرة، فتارة يكتب عن الفلاسفة الغربيين والفلاسفة الإسلاميين، وتارة يكتب في موضوعات عامة مثل "عقائد المفكرين في القرن العشرين". ومن طريف كتبه "الله" وله أيضًا "إبليس" و"أبو نواس". وبلغ ما كتبه نحو ستين مؤلفًا كلها تمتاز بحيوية التفكير.

وعباس العقاد بدون ريب عَلَمٌ من أعلام نثرنا الحديث، وقد ظفر نثرنا عنده ببراعة فائقة على أداء المعاني في لفظ جزل رصين، فيه قوة ومتانة، وفيه دقة تشعرك بسيطرة صاحبها على المادة اللغوية، فهو يعرف كيف يصوغ كلمه، وكيف يلائم بينها ملاءمة، يجد فيها قارئوه اللذة والمتعة.

والعقاد يمتاز بهذا الأسلوب الرصين منذ أخذ يكتب مقالاته في أوائل هذا القرن، وهو أسلوب يدل على ما وراءه من ثقافة عميقة بآدابنا العربية، استطاع

<<  <   >  >>