في أسرة مغربية الأصل وُلد عبد الرحمن شكري لأب يُسمى محمد شكري عياد، كان في أيام الثورة العرابية يشتغل معاونًا في "الضابطية" بالإسكندرية، فاتصل برجال هذه الثورة وعلى رأسهم عبد الله نديم، ولم يلبث أن انضم إليهم،
وعمل تحت لوائهم. ولما أخفقت الثورة سُجن مع من سجنوا من الثائرين، ثم عُفي عنه، وظل بدون عمل مدة، ثم عُين ضابطًا في معاونة محافظة القنال ببورسعيد، ومكث في هذه الوظيفة بقية حياته. ورُزق بابنه في هذه البلدة سنة ١٨٨٦، وتصادف أن مات كل أبنائه الذين يكبرونه، فاهتم به اهتمامًا خاصًّا، وعلق عليه أمانيَّ واسعة. فألحقه أولًا "بالكُتَّاب"، ثم نقله إلى المدرسة الابتدائية، فالمدرسة الثانوية، وتخرج فيها سنة ١٩٠٤.
وكانت في هذا الأب نزعة أدبية، ولعل هذه النزعة هي التي عقدت الصلة بينه وبين أديب الثورة العرابية عبد الله نديم؛ بل يقال: إنه كان من أدباء هذه الثورة. وكان النديم كثيرًا ما ينزل عليه ضيفًا بعد صدور العفو عنه، كما كان ينزل عليه بعض أدباء العصر مثل الشيخ حمزة فتح الله. وكان يصل ابنه بالرجلين، كما كان يتعجل إيقاظ مواهبه بما يعرض عليه من كتابات العصر ومؤلفاته، وخاصة كتاب "الوسيلة الأدبية" للشيخ المرصفي. وكان في مكتبته ديوان ابن الفارض وديوان البهاء زهير، فعكف عبد الرحمن على هذا كله، ولم تلبث مخايل نبوغه أن تراءت لأستاذه في العربية الشيخ عبد الحكيم، وهو لا يزال في المدرسة الثانوية، فكان يشجعه ويُعجب بما يكتب وينظم.
والتحق بمدرسة الحقوق، ولكنه لم يلبث أن فُصل منها بسبب تحريضه الطلاب على الإضراب استجابة لزعماء الحزب الوطني. فترك التشريع ودراسة القانون، واتجه إلى دراسة الآداب التي كانت تتفق وميوله، وتحقيقًا لهذه الغاية التحق بمدرسة المعلمين العليا، وتخرج فيها سنة ١٩٠٩. وقد التزم فيها الدرس الصارم للأدبين العربي والغربي، وكان أكثر ما يعجبه من الأدب الأول كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصبهاني وديوان الحماسة لأبي تمام، وديواني الشريف الرضي ومهيار، فاقبل يعبُّ منها جميعًا، أما الأدب الغربي فوجد بغيته منه في كتاب "الذخيرة الذهبية" الذي وُزِّع عليهم في مدرسة المعلمين، وهو يضم أروع ما لشعراء الإنجليز من شعر غنائي.
وفي هذه الأثناء كان يكتب في صحيفة الجريدة التي يحررها لطفي السيد