وُلد مصطفى صادق الرافعي في سنة ١٨٨٠ لأسرة لبنانية الأصل من "طرابلس الشام"، هاجر كثير من أفرادها في القرن الماضي إلى مصر، واشتغلوا فيها بالقضاء الشرعي. وكان والد مصطفى رئيسًا للمحاكم الشرعية في كثير من أقاليمنا المصرية، ويسمى عبد الرزاق. وقد عُين أحد أفراد هذه الأسرة -وهو الشيخ عبد القادر الرافعي- مفتيًا بعد وفاة الشيخ محمد عبده، إلا أن القدر لم يمهله طويلًا. فالجو الذي تنفس فيه مصطفى كان جوًّا إسلاميًّا عربيًّا. وقد عُني به أبوه، فحفَّظه القرآن ولقنه تعاليم الدين الحنيف، ثم ألحقه في سن الثانية عشرة بمدرسة دمنهور الابتدائية؛ حيث كان يتولى عمله القضائي. ونُقل إلى المنصورة فأتم مصطفى دراسته الابتدائية هناك، وهو في السابعة عشرة من عمره. وبمجرد فراغه من هذه الدراسة أصابته حمى عنيفة -لعلها حمى التيفويد- وشفي منها، إلا أنها خلفت وراءها حُبْسة في صوته، ووقرًا في أذنيه، ولم يفد العلاج معه شيئًا؛ بل لقد أخذ سمعه يضعف، حتى انتهى إلى الصمم الخالص في سن الثلاثين.
وكان هذه الصدمة سببًا في أنه لم يتم تعلمه، غير أنه عكف على الكتب ينهل منها ويفيد معتمدًا على ذكائه، وعُين في إبريل سنة ١٨٩٩ كاتبًا بمحكمة طلخا الشرعية، ونُقل منها إلى محكمة إيتاي البارود ثم محكمة طنطا الشرعية، فالأهلية، وظل في هذه الوظيفة إلى وفاته. ويقال: إن أواصر الصداقة انعقدت بينه وبين الكاظمي، وهو لا يزال بطلخا، ولعله هو الذي شجعه على نظم الشعر في باكورة حياته، كما يقال: إنه عرف الحب في إيتاي البارود.