وُلد إسماعيل صبري في القاهرة سنة ١٨٥٤ لأسرة متوسطة، وأخذ يختلف منذ نشأته إلى المدارس على غرار نُظَرائه من أبناء هذا الزمان، فالتحق بمدرسة المبتديان سنة ١٨٦٦ ثم بمدرستي التجهيزية والإدارة "الحقوق" وأتم دراسته في الأخيرة سنة ١٨٧٤. وبمجرد تخرجه فيها أُرسل في بعثة إلى فرنسا، فنال شهادة الليسانس في الحقوق من كلية إكس سنة ١٨٧٨، وفتحت هذه الشهادة الأبواب أمامه كي ينتقل في وظائف السلك القضائي بمصر، وفي سنة ١٨٩٦ عُيِّن محافظًا للإسكندرية، وظل بهذه الوظيفة ثلاث سنوات انتقل في نهايتها وكيلًا لوزارة العدل "الحقانية حينئذ". وما زال يشغل هذا المنصب حتى طلب إحالته إلى المعاش في سنة ١٩٠٧. وخلص منذ هذا التاريخ لشعره وفنه حتى لبَّى نداء ربه في سنة ١٩٢٣.
وحياته على هذا النحو كانت حياة سهلة، ليس فيها شظف ولا حرمان؛ فقد وفَّر له راتبه غير قليل من الرزق وطيب العيش. وانعقدت أواصر الصداقة بينه وبين مصطفى كامل، ويقال: إن أولي الأمر طلبوا إليه ذات مرة -وهو محافظ بالإسكندرية- أن يحول بين مصطفى وبين الشعب هناك، فلا يدعه يخطب فيه، فأبى ذلك، وخلى بين الشعب وزعيمه الشاب، وقال: أنا مسئول عن الأمن والنظام. ويُؤْثَرُ عنه أنه لم يزر دار المندوب السامي الإنجليزي على نحو ما كان يصنع كبار الموظفين في عصره؛ إذ كان يرى في ذلك أكبر وصمات الذل والاستعباد. وظل وفيًّا لمصطفى كامل يزوره ويتردد على دار اللواء، حتى إذا عصفت به المنون انتظم في سلك مشيعيه، ووقف على قبره يندبه بقصيدته: