للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- خليل مطران ١٨٧٢-١٩٤٩م:

أ- حياته:

في أسرة عربية عريقة من أسر بعلبك في لبنان وُلد خليل عبده مطران لأب مسيحي كاثوليكي. ولم تكن أمه "ملكة الصباغ" لبنانية الأصل؛ بل كانت فلسطينية، هاجر أبوها إلى لبنان فرارًا من اضطهاد الحاكم العثماني له في بلده، واتخذها وطنًا. وعنها ورث ابنها الشعر إذ كانت أمها شاعرة، أما هي فكانت حصيفة راجحة العقل، وظل يستشعر لها إلى آخر حياته حنانًا وحبًّا عميقًا، مما يدل على أثرها العميق في تكوين شخصيته. وإذا كان قد ورث الشعر عن أمه، فقد ورث عن آبائه بغض الظلم والوقوف في وجه الجبارين.

ولما رأى فيه أبوه مخايل الذكاء اهتم بتعليمه، فأرسله إلى الكلية الشرقية بزحلة، ولا يزال اسمه منقوشًا على أحد مقاعدها إلى اليوم. ولما أتم دروسها ألحقه أبوه بالمدرسة البطريركية للروم الكاثوليك في بيروت، وفيها نهل اللغة العربية على أديب عصره إبراهيم اليازجي، وفي ديوانه مرثية له أشاد فيها به إشادة رائعة، افتتحها بقوله:

رب البيان وسيد القلم ... وفَّيْت قسطك للعلا فنم

وفي هذه المدرسة حذق الفرنسية على معلم فرنسي. ولم يكد يتم دروسه فيها حتى أظهر موهبة غير عادية في نظم الشعر وصوغه، وكانت نفسه أُشربت حب الحرية، فأخذ يتغنى بشعر ضد العثمانيين الذين كانوا يحكمون وطنه حكمًا جائرًا، وكان يخرج مع بعض رفاقه إلى مشارف بيروت، وينشدون نشيد المارسيلييز الفرنسي، ينفِّسون بما فيه من حب للحرية عن أمانيهم القومية. ويقال: إن أعوان الحاكم العثماني رموا فراشه بالرصاص في بعض الليالي، ومن حسن حظه وحظ

<<  <   >  >>