وإخراج المجلات العلمية والأدبية. وهو على هذا القياس في شعره إذ حاول أن يجمع فيه بين الشعر القصصي والشعر الدرامي والشعر الرومانسي الحزين والشعر الصوفي والشعر الوعظي والشعر الفلسفي والشعر الواقعي والشعر الرمزي والشعر المرسل والشعر الحر. ولم يكتفِ بفن الشعر؛ إذ ضم له عناية بفني التصوير والموسيقى. فتعددت اتجاهاته، وكثر ما يحمله من أدوات؛ إذ كان يحمل في يد مبضعًا ومجهرًا ومجلات علمية، وفي يد قلمًا وريشة وآلة موسيقية ومجلات أدبية، وربَّة الشعر توحي إليه بين ضجيج المعامل وطنين النحل ودويه.
وأول ديوان أخرجه "أنداء الفجر" إذ نشره في الثامنة عشرة من عمره، وتتضح فيه نزعته الرومانسية المبكرة؛ إذ نراه يفسح فيه للحب والطبيعة وأصدائهما في نفسه، غير متناسٍ لمشاكلنا السياسية والاجتماعية. ولا نمضي في قراءته حتى نحس ضعف صياغته ونزارة معانيه وأخيلته؛ لسبب بسيط؛ هو أنه لا يزال ناشئًا، ولم يتمرس بعدُ بصناعة الشعر تمرسًا كافيًا.
ويرحل إلى إنجلترا، ويعود، وقد نظم كثيرًا، وما تلبث دواوينه ومنظوماته أن تتعاقب كالمطر، وكان أول ما ظهر منها ديوانه "زينب" الذي نشره في سنة ١٩٢٤، وقد اختار له اسم صاحبته القديمة، فذكراها لا تفارقه، والحب والطبيعة هما محور هذا الديوان، وتلقانا فيه قوالب الموشح والدوبيت وقصيدة غزل في زينب "ص١٦" حاول أن يجدد بها في القوالب الشعرية، ومن خير قصائده فيه قصيدته "الحلم الصادق" التي يفتتحها بقوله:
هات لي العود وغنى ... واسمعي شجوى وأني
تطرحي الأحزان عني ... فأؤدي صلواتي
وفي السنة التالية نشر ديوانين بنفس النغم هما "أنين ورنين" و"شعر الوجدان"، ونجد فيهما مشاعر وطنية صادقة. ونشر في نفس السنة ديوانه "مصريات"، صوَّر فيه أمانيه الوطنية محركًا همم المصريين للخلاص من الإنجليز الغاشمين. ولم يلبث في سنة ١٩٢٦ أن أخرج ديوانه "وطن الفراعنة"، وفيه