وفي سنة ١٩٤١ أخرج كتابه "أرواح شاردة"، وأكثره مقالات عن الأدب الإنجليزي والفرنسي، وقد تحدث فيه عن "فرلين" و"بودلير" الشاعرين الفرنسيين، وترجم قصائد مختلفة لشعراء إنجليز وفرنسيين، وألحق بذلك قصيدة له في دخول الألمان باريس. وتأليفه لهذا الكتاب غريب؛ ولكن يظهر أنه أراد أن يرد به على مَن يتهمونه بقصور ثقافته بالآداب الغربية.
ونراه في سنة ١٩٤٢ يحاول محاولة جديدة في قصيدته الطويلة "أرواح وأشباح"، وهي حوار شعري فلسفي بين شخصيات استمدها من الأساطير الإغريقية وقصص التوراة، مصورًا خلاله ما انبث من صراع عنيف الأرواح والأشباح أو الأجساد منذ هبط دم ابن الطين من السماء يحمل قبس الروح، وهو صراع بين غرائز الطين ومواجد الإنسان الروحية السامية. وأكبر عيب في القصيدة يجثم في شخصياتها الأسطورية الإغريقية، فإنه لم يدرسها حق الدرس، ومن ثم بدت مخالفة في كثير من حقائقها لنسيجها الأسطوري القديم.
وأخرج بعد ذلك في سنة ١٩٤٣ ديوانه "زهر وخمر"، وهو يصور نزعته الإبيقورية التي غمس فيها حياته، وهي ليست نزعة حادة ولا جامحة؛ وإنما هي نزعة مرحة يقبل فيها على كئوس اللذة والمتعة دون تمادٍ في تصوير الغرائز الجسدية، ونراه يفتتحه بقصيدته "ليالي كليوباترا" التي غناها عبد الوهاب، وهي مثل "الجندول" تزخر بالأشراك اللفظية، وقلما نجد فيها فكرًا عميقًا؛ وإنما نجد كليوباترا في زورق بين ضفاف النيل، وفي جوانحها هذا الحب المحموم وتلك الحواس الملتهبة للعشق، ثم جوقات موسيقية متراصة الألفاظ بدون أن يصور الشاعر إحساسًا عميقًا أو فكرًا بعيدًا، فكل همه أن يجمع كلمات متموجة، تنشر بموسيقاها ما يريد من تأثير في نفوس السامعين. ومن خير قصائده في هذا الديوان "حانة الشعراء"، وهو يستهلها على هذا النحو: