فحسب؛ بل أيضًا بمناظره الطبيعية وما فيها من فتنة وجمال.
وفي أثناء هذه الحقبة من أوائل القرن العشرين كان جرجي زيدان ينشر قصصه التاريخية التي بلغت نحو عشرين قصة، وقد استمد حوادثها من التاريخ الإسلامي، وهي في جملتها لا تستوفي شروط القصة من الحبكة والتسلسل الروائي؛ ولكنها على كل حال تعد عملًا جديدًا. وبجانب ذلك كتَب تاريخ التمدن الإسلامي في خمسة أجزاء كما كتب تاريخ الأدب العربي في أربعة أجزاء استقى فيها من كتابات المستشرقين.
ولا بد أن نذكر هنا أيضًا "ذكرى أبي العلاء" لطه حسين، وهو البحث الذي نال به درجة الدكتوراه من الجامعة القديمة التي أنشأها قاسم أمين وغيره من رجالات الفكر سنة ١٩٠٨، واستقدموا لها كبار المستشرقين من أوربا، فبعثوا حياة علمية جديدة في دراستنا الأدبية، كانت ثمرتها هذه الرسالة التي حلل فيها كاتبها نفسية أبي العلاء وأثر الوسط المكاني والزماني فيه.
وعلى هذا النحو لم نصل إلى الحرب الأولى في هذا القرن حتى ظفرنا بتقدم واضح في الأدب ونقده. ومن المحقق أن جذوة الفكر المصري استطاعت منذ أوائل القرن أن تتوهج وأن ترسل ضوءها وشررها في مختلف الاتجاهات العقلية والفكرية؛ ولكن من المحقق أيضًا أنها كانت تصنع ذلك في أناة ورَيْث.