للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المصريون أنفسهم يقبلون على هذه الثقافة منذ أوائل القرن الماضي.

ولم تمضِ مدة طويلة حتى أخذ المصريون يشاركون في هذا الفن الجديد، فاشتركوا أولًا مع الفرق السورية واللبنانية، ثم استقلوا وأنشئوا فرقًا مختلفة مثل فرقة عبد الله عكاشة وفرقة الشيخ سلامة حجازي المطرب المشهور، وقد وطَّد بقوة المسرح الغنائي، ومثل فرقة عزيز عيد، وقد عُني بالتمثيل الهزلي. ولا نتقدم طويلًا في هذا القرن العشرين حتى يعود جورج أبيض من باريس سنة ١٩١٠ بعد دراسته لفن التمثيل دراسة متقنة، وسرعان ما ألف فرقة مسرحية في سنة ١٩١٢، وأخذ يمثل على قواعد درامية سليمة.

وفي نفس السنة كوَّن بعض الهواة "جمعية أنصار التمثيل"؛ لغرض إرسائه على أصوله الفنية الصحيحة، وكان ممن انضم إلى هذه الجمعة عبد الرحمن رشدي وإبراهيم رمزي ومحمد تيمور. وينضم الشيخ سلامة حجازي إلى جورج أبيض ويؤلفان فرقة في سنة ١٩١٤ ظلت سنتين متواليتين. ونمضي في أثناء الحرب الأولى، فيؤلف عبد الرحمن رشدي فرقة مسرحية وإن لم تظل طويلًا، ويظهر نجيب الريحاني باستعراضاته الغنائية والهزلية ويبتكر شخصية "كشكش بك" عمدة كفر البلاص، ويؤلف حينًا مع عزيز عيد فرقة تُعْنَى بالمغناة القصيرة "الأوبريت".

وكانت هذه الفرق جميعًا تعتمد على ما يترجم ويمصَّر لها من تمثيليات ومغنيات غربية، وأخذ بعض الهواة والمملثين يؤلفون مسرحيات عربية استمدوا فيها من قصص ألف ليلة وليلة وألوانها الخيالية ومن التاريخ العربي الإسلامي وصوره القومية، ومن الحب والعواطف والوجدانية مصورين مجتمعهم وما فيه من دعوات إصلاحية وحركات وطنية. وأكثر هذه الأعمال كان ضعيفًا؛ ولذلك لم يدخل في تراثنا الأدبي.

على أنه ينبغي أن نقف قليلًا عند ثلاثة، حذقوا -بفضل ثقافتهم الغربية- فن التأليف المسرحي، وهم فرح أنطون وإبراهيم رمزي ومحمد تيمور. وقد ألف أولهم في سنة ١٩١٣ "مسرحية مصر الجديدة ومصر القديمة" وهي مسرحية اجتماعية صور فيها عيوب مجتمعنا حينئذ، وما تسرب إليه من مساوئ الحضارة

<<  <   >  >>