رأينا محمد المويلحي رغم ثقافته بالآداب الغربية محافظًا شديد المحافظة، ومع ذلك حاول أن يدخل القصة المعروفة عند الغربيين في مجال أدبنا الحديث؛ ولكن كيف يدخلها؟ هل يدخلها بصورتها الغربية أو يبحث عن صورة عربية يقدمها فيها؟
ولم نكن حتى هذا التاريخ قد صنعنا محاولات قصصية سوى "علم الدين" لعلي مبارك، وهي رحلة تقع في أربعة أجزاء، قام بها الشيخ علم الدين مع مستشرق إنجليزي، فطافا معًا بجوانب الحياة المصرية ثم رحلا إلى بلاد الإنجليز. وصور علي مبارك مشاهداتهما هنا وهناك. وقد وُضعت الرحلة في شكل مسامرات بلغت خمسًا وعشرين ومائة. وفيها يصف الكاتب حياة الشيخ علم الدين في الأزهر كما يصف حياتنا في حفلات الزواج، وفي المواسم والأعياد، ويلم بحياة الإنجليز. وفي أثناء ذلك تُنْثَر فوائد متفرقة في العلوم الشرعية والفنون الصناعية وأسرار الكون والخليقة. وربما استلهم علي مبارك في هذه الرحلة كتاب "إميل" للكاتب الفرنسي جان جاك روسو؛ إذ أجرى على لسانه آراءه وأفكاره.