وكثيرًا من الشباب حوله يقدمون لفرق الممثلين مسرحيات يقومون بتمثيلها وعَرْضها على الجمهور، وكانت الثورة المصرية قد انبعثت قبل ذلك، ووجهت الممثلين والمؤلفين من الشباب إلى العناية بالروح القومية. ولم يلبث توفيق أن ألَّف في سنة ١٩٢٢ مجموعة من المسرحيات مثلت بعضها فرقة عكاشة على مسرح الأزبكية؛ منها:"المرأة الجديدة" و"الضيف الثقيل" و"علي بابا". وهي في جملتها محاولات ناقصة.
وتخرج توفيق في الحقوق سنة ١٩٢٤، وزيَّنَ لأبيه سفره إلى باريس لإكمال دراسته في القانون، ووافق الأب على رغبته، وهناك أمضى نحو أربع سنوات لم يعكف فيها على دراسة القانون؛ وإنما عكف على قراءة القصص وروائع الأدب المسرحي في فرنسا وغير فرنسا، وشُغف بالموسيقى الغربية شغفًا شديدًا، واستطاع بما لأبيه من ثراء أن يعيش في باريس عيشة فنية خالصة، فَوَقْتُهُ كله موزَّع بين المسارح والموسيقى والتمثيل، وهو في أثناء ذلك يقرأ ويفهم ويتمثل ثقافات العصور الغابرة والمعاصرة. واستقر في ضميره أنه أُعِدَّ ليكون أديب وطنه القصصي والمسرحي، ورأى أوربا تؤسِّس مسرحها على أصول المسرح الإغريقي فتحول إلى هذا المسرح يدرسه، ويتقن درسه وما انتهى إليه من تطور على أيدي الغربيين المحدثين، كما أخذ يدرس القصة الأوربية ومدى تمثيلها لروح أقوامها وأحوالهم النفسية والاجتماعية.
ووعى ذلك كله وعيًا دقيقًا، وأخذ يحاول كتابة قصة تصور كفاح الشعب المصري في سبيل الحرية، فكتب قصته "عودة الروح" وحاول أن يكتبها بالفرنسية، ثم حولها إلى العربية ونشرها في سنة ١٩٣٣ في جزأين. وفيها يعرض المحيط الاجتماعي في بلاده قبل ثورة سنة ١٩١٩، واختار لذلك أسرة متباينة الأمزجة، هي نفس الأسرة التي كان يعيش معها بالقاهرة أسرة عمَّيه وعمته وما اضطربوا فيه من علاقات. وهو نفسه محسن الفتى المراهق الذي وقع في حب جارة له، هي فتاة ضابط متقاعد، وكانت واقعية النظر، فلم تَجْرِ معه في حبه أشواطًا بعيدة؛ بل انصرفت عنه إلى شاب كانت تعجب به، ويتعكر صفو السلام بين أسرتها وأسرته. وفي الجزء الثاني من القصة