شهريار: تبًّا للصفاء وكل شيء صافٍ! لشد ما يخيفني هذا الماء الصافي! ويل لمن يغرق في ماء صاف.
شهرزاد: ويل لك يا شهريار.
شهريار: الصفاء! الصفاء قناعها.
شهرزاد: قناع مَن؟
شهريار: قناعها، هي، هي، هي.
شهرزاد: إني أخشى عليك يا شهريار.
شهريار: قناعها منسوج من هذا الصفاء، السماء الصافية، الأعين الصافية، الماء الصافي، الهواء، الفضاء، كل ما هو صاف، ما بعد الصفاء؟ إن الحجب الكثيفة لأشفُّ من الصفاء!
شهرزاد: كل البلاء يا شهريار أنك ملك تَعِسٌ، فقد آدميته وفقد قلبه.
شهريار: إني براء من الآدمية، براء من القلب، لا أريد أن أشعر، أريد أن أعرف.
ويمضي شهريار متحدثًا عن حقيقة شهرزاد، وكيف تحولت في نفسه إلى لغز عقلي هائل، يقول موجهًا الخطاب إليها عنها:
"قد لا تكون امراة، من تكون؟ إني أسألك من تكون؟ هي السجينة في خدرها طول حياتها، تعلم بكل ما في الأرض كأنها الأرض! هي التي ما غادرت خميلتها قط تعرف مصر والهند والصين! هي البكر تعرف الرجال كامرأة عاشت ألف عام بين الرجال! وتدرك طبائع الإنسان من سامية وسافلة، هي الصغيرة لم يكفها علم الأرض، فصعدت إلى السماء، تحدث عن تدبيرها وغيبها كأنها ربيبة الملائكة، وهبطت إلى أعماق الأرض تحكي عن مردتها وشياطينها وممالكهم السفلى العجيبة، كأنها بنت الجن! من تكون تلك التي لم تبلغ العشرين، قضتها كأترابها في حجرة مسدلة السُّجُف، ما سِرُّها؟ أعمرها عشرون عامًا أم ليس لها عمر؟ أكانت محبوسة في مكان أم وُجدت في كل مكان؟ إن عقلي ليغلي