الكشميري والمزركشات المصبوغة، ويركبن الخيول والحمير، مع الضحك والقهقهة ومداعبة المكارية معهم وحرافيش العامة".
ولفتت الحملةُ المصريين إلى ما أصاب الغربيون من تقدم في العلم؛ فإن نابليون استقدم معه طائفة من العلماء البارعين المتخصصين في مختلَف العلوم التاريخية والطبيعية والرياضية، ولم يلبث حين نزل مصر أن أسس المجمع العلمي المصري على غرار المجمع العلمي الفرنسي، وانبعث العلماء الذين جاءوا معه يدرسون مصر من جميع أطرافها، وكانت ثمرة ذلك تسعة مجلدات طبعت في فرنسا "١٨٠٩-١٨٢٥" باسم "وصف مصر"، وهي أساس كل المعلومات التي عُرفت في أوربا عن مصر الحديثة.
وأنشأ نابليون بجانب هذا المجمع العلمي معامل ومكتبة ومطبعة، وكانت المعامل تُعْنَى بالبحث العلمي التجريبي، وكان الفرنسيون يستدعون المصريين لرؤية ما يُجْرون من تجارب كيمائية لا عهد لهم بها، فيعجبون وينبهرون. يقول الجبرتي في أثناء وصفه لمعمل الكيمياء الذي أقاموه: "ومن أغرب ما رأيته في ذلك المكان أن بعض المتقيدين لذلك أخذ زجاجة من الزجاجات الموضوع فيها بعض المياه المستخرجة، فصب منها شيئًا في كأس، ثم صب عليها شيئًا من زجاجة أخرى، فعلا الماء، وصَعِدَ منه دخان ملون، حتى انقطع وجف ما في الكأس، وصار حجرًا أصفر، فقلبه على البرجات حجرًا يابسًا، أخذناه بأيدينا ونظرناه. ثم فعل كذلك بمياه أخرى، فجمدت حجرًا أزرق، وبأخرى، فجمدت حجرًا ياقوتيًّا. وأخذ مرة شيئًا قليلًا جدًّا من غبار أبيض، ووضعه على السندال، وضربه بالمطرقة بلطف، فخرج له صوت هائل، انزعجنا منه، فضحكوا منا". ومن غير شك كان ذلك يدعو المصريين إلى التفكير في علمهم النظري، وأن وراءه علمًا في الغرب ينبغي أن يقفوا عليه.
ورأى المصريون المطبعة التي جلبها نابليون معه، وكانت تطبع بالحروف العربية منشوراته وبعض الصحف الدورية؛ بل أخذت تطبع بعض الكتب.